أحكام شركة المحاصة وإنقضائها
بناءا
على ما سبق فشاركة المحاصة لا تتمتع بالشخصية المعنوية وذلك انعكاس على ادارتها.
فتنظيم الإدارة فيها يكون بناءا على اتفاق الشركاء، فهم يتعهدون بتسليم الشركة إلى
أحد الشركاء أو إلى شخص أجنبي عن الشركة، ويتولون التعامل مع الغير، فهم لا
يكتسبون صفة التاجر إلا إذا قاموا باحتراف مهنة التجارة.
وهكذا فإنه من
الضروري أن يكون عقد شركة المحاصة موضوع بشكل خطي ، حيث يتوجب عدم نشرها إلا إذا كانت
في طابع خطي، والفرق بين المدير في شركة المحاصة والمدير في سائر الشركات الأخرى أنه
في شركة المحاصة يتعامل المدير مع الغير بإسمه الشخصي أو بوصفه ممثلا لشريك أو عدة
شركاء، وليس بوصفه ممثلا للشركة، وبالتالي تكون صلاحياته غير محدودة اتجاه الغير.
وكسائر
الشركات التجارية، فشركة المحاصة تنقضي بجميع أسباب الانقضاء التي تنقضي بها شركات
الأشخاص، ولعل أهم هذه الأسباب انتهاء مدة الشركة، كما أنها قد تنقضي بإنهاء
وجودها القانوني الذي يتم عبر مرحلتين، الحل والتصفية. وبناءا على ما سبق، ففي هذا
الفصل سيتم دراسة أحكام شركة المحاصة ( المبحث الأول ) فيما سنتطرق في ( المبحث
الثاني ) لإنقضاء شركة المحاصة.
المبحث الأول : تأسيس شركة المحاصة
سنتناول
في هذا المبحث لأهميته مطلبين اساسيين هما: إدارة الشركة وإثباتها ( المطلب الأول )
هذه الاخيرة حيث يخضع تأسيس شركات المحاصة في الأصل لإرادة الشركاء المحاصين.
وبمعنى نص المادة 89 الفقرة الأولى يتفق هؤلاء الشركاء بكل حرية، سواء كان الاتفاق
كتابيا أو شفويا، على غرض الشركة، الذي يمكن أن يكون غرضا تجاريا أو مدنيا وأن
يكون مشروعا وغير مخالف للنظام العام والأخلاق الحميدة، وعلى حقوقهم كالحق في
الأرباح وموجودات الشركة والتزاماتهم كالالتزام بتقديم الحصة والتحمل بديون
الشركة) وعلى شروط تسيير الشركة ( المطلب الثاني ) كالاتفاق على تعيين مدير محاص
من الشركاء أو من الغير وطرق عزله وغيرها.
المطلب الأول : إدارة الشركة وإثباتها
من خلال هذا المطلب سنتعرف على إدارة شركة المحاصة والتي سنتطرق فيها لتعيين المدير وعزله ( الفقرة الأولى ) وإثبات الشركة ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : تعيين المدير وعزله
يتم تعين المديرالمحاص إما من الشركاء أو من الأغيار، وفي كلا الحالتين، يجب أن يتعامل مع الأغيار
باسمه الشخصي، وليس باسم الشركة، وفي حالة عدم تعیین مسیر أو مدير، فإن القاعدة أن
كل شريك يتعاقد مع الغير باسمه الخاص، ويسأل وحده ولو في الحالة التي يكشف فيها عن
أسماء الشركاء دون موافقتهم.
لكن إذا تصرف المدير المحاص أو أي شريك بطريقة جعلت الأغيار يعلمون بوجودها
مثل إقدام المدير على إبراز الشركة كشخص معنوي، كما لو اتخذ تسمية تجارية وتعامل
مع الأغيار بمقتضى هذه التسمية، أو أن أحد الشركاء وقع على العقد وأضاف
"وشركاءه " فإن شركة المحاصة تفقد صفتها الخفية وتتحول إلى شركة تضامن
فعلية، حيث يصبح كل شريك مسؤولا اتجاه الأغيار عن
ديون الشركة بصفة غير محدودة وتضامنية.
الفقرة الثانية : إثبات الشركة
تلفت الانتباه، أن إثبات الشركة يكون فقط بين الشركاء. أما الأغيار فيجهلون الشركة
جهلا قانونيا لأنهم يتعاملون فقط مع المدير المحاص باسمه الشخصي وليس باسم الشركة،
وذلك لغياب الشخصية المعنوية.
ما يلاحظ كذلك أن المشرع نص على مبدأ حرية الإثبات دون تحديده، حيث أكد على أنه: «يمكن إثبات وجودها بكافة وسائل الإثبات، ويمكن أن تنشئ بفعل الواقع» عکس القانون الملغي الذي كان يحدد وسائل إثباتها. مما لا شك فيه، أن خاصية الخفاء تعقد حل ما قد ينشئ من نزاعات بين الشركاء. ذلك أنه قد يدعي أحدهم أن العقد الذي يربطه بشركائه ليس عقد شركة، بل هو عقد شغل أو قرض أو تعاون، وينكر وجود الشركة. لذلك فالقضاء يتأكد من نية المشاركة واستغلال مال مشترك بحثا عن الربح مع قبول احتمال الخسارة، الشيء الذي يثبت العناصر المثبتة للشركة. لذا فالعمل القضائي يكون مضطرا للبحث على ما يثبت روح الشركة.
ذلك أن المادة 89
لا تحدد أي شكل خاص بشركة المحاصة، حيث يتفق الشركاء بكل حرية على غرض الشركة وعلى
حقوقهم والتزاماتهم مع احترام القواعد الآمرة ذات الصلة المنصوص عليها في قانون الالتزامات
والعقود.
إذا كان الغير لا يحتاج إلى إثبات شركات المحاصة - لعدم تمتعها بالشخصية
المعنوية (المادة 88) - باعتباره لا يرتبط قانونيا و واقعيا إلا بالشريك أو المسير
الذي تعاقد معه (المادة 89 الفقرة الثالثة)، ماعدا في حالة الظهور العلني لشريك أو
أكثر في معاملة أو أكثر، حيث يفرض التمسك بهذا الظهور إثباته وإثبات شركة المحاصة
الظاهرة، حيث يسأل الشركاء المحاصون تجاه الغير كشركاء متضامنين (المادة 89 الفقرة
الثالثة)، فإن الشركاء على خلاف ذلك يحتاجون في غالب الأحيان إلى إثبات العلاقات
التي تربط بينهم، وإثبات القواعد المنظمة لحقوقهم والتزاماتهم وشروط التسيير، وغرض
الشركة والأنصبة وكيفية توزيع الأرباح والخسائر وغيرها من بنود وشروط الاتفاق. ولا
تثور مشكلة الإثبات إذا بني تأسيس شركة المحاصة على عقد تأسيس مكتوب، أما إذا كان
اتفاق المحاصة شفويا فلا مناص من الإثبات.
ولقد تنبه المشرع إلى هذه المسألة فوضع قاعدة واضحة وصريحة جاءت في المادة
88 قائلة : «… يمكن اثبات وجودها بكافة الوسائل…» التي لا تتعارض مع المادة 334 من
مدونة التجارة.
ولا يتعلق الأمر
هنا بإثبات وجود شركة المحاصة فقط، بل يشمل الاثبات بكافة الوسائل الشركة وسائر
الشروط التي تحكمها.
وتجري حرية
الإثبات بكافة الوسائل على سائر شركات المحاصة، سواء كانت ذات طابع تجاري أو ذات
طابع مدني.
ولقد تحرر
المشرع من عيبين شابا المادة 35 من قانون 12 غشت 1913م المنسوخ هما:
أ- التعداد الذي
كان سائدا دون جدوى، القاضي بإثبات جمعيات المحاصة بتقديم الدفاتر والمراسلات
والشهود الذي يثير إشكالات الحصر أو على سبيل التمثيل؛
ب - إيقاف شهادة
الشهود على إرادة وسلطة المحكمة عندما نص على أنه : «…أو بالشهود فيما إذا اعتبرت
المحكمة أنه من الممكن قبول الإثبات بالكيفية الأخيرة».
ويكفي الغي،
لإثبات وجود شركة المحاصة، إثبات الظهور العلني للشركاء، خاصة أن المشرع المغربي
نص صراحة في المادة 88 على أن شركة المحاصة يمكن أن تنشأ بفعل الواقع وبمعنى آخر،
دون تحميل الغير عناء إثبات باقي عناصر الشركة من تعدد وتقديم الحصة وتقسيم
الأرباح والخسائر ونية المشاركة، ويبقى على الشركاء المحاصين المحتملين إثبات
العكس، ويمكن، تبعا لذلك أيضا، إثبات شركة المحاصة بالدفاتر والمراسلات والكتابة
والشهود والقرائن وغيرها من وسائل الإثبات.
المطلب الثاني : تسيير شركة المحاصة
يتفق الشركاء
بكامل الحرية في العقد التأسيسي للشركة (أو شفويا) على تسيير الشركة مع مراعاة
مقتضيات المادة 1003 ق. ل. ع. التي تمنع على المسير أو الشريك أن ينيب عنه غيره في
تنفيذ تعهداته تجاه الشركة، ويسأل في جميع الأحوال عن فعل أو خطأ الأشخاص الذين
ينيبهم عنه أو يستعين بهم (المادة 89 الفقرة الاولى من القانون رقم 5.96).
ويسوغ أن يسند
تسيير أو إدارة شركة المحاصة لواحد أو أكثر من الشركاء أو من الغير، ولا يوجد ما
يمنع من أن يكون المسير شخصا معنويا (شريكا كان أو غير شريك) إلا أنه من النادر أن
يكون المسير شخصا معنويا من الغير لشركة تأثيرها الاقتصادي والمالي والاجتماعي
ضئيل قياسيا بالشركات الأخرى؛ أما إذا أحجم الشركاء عن تعيين مسير للشركة كان
التسيير والإدارة للشركاء جميعا. وبمعنى آخر، كان سائر الشركاء مسيرين سواء كانت
شركة المحاصة ذات طابع تجاري (المادة 89 الفقرة الثانية والمادة 6 من القانون رقم 5.96))
، أو كانت شركة ذات طابع مدني (المادة 1015 ق. ل. ع. ).
إن تسيير شركة
المحاصة في الحقيقة تسيير لشركة غريبة لاوجود لها إلا في العلاقات بين الشركاء ، ولا ترمي إلى
علم الغير بها (المادة 88 الفقرة الاولى) شركة لا تتمتع بالشخصية المعنوية، ولا تملك ذمة مالية ولا رأسمالا ولا دائنين ولا مدينين،
ولا تبرم عقودا، ولا تملك لا أهلية التملك ولا أهلية التقاضي، معطيات وتصورات جعلت
التشريع المغربي والتشريع المقارن يضع نظرية غريبة أيضا
لهذه الشركة تتناسب مع وضعها القانوني الذي لا يمكن لنا أن ننتقده ولا نستغربه،
فالضرورة الملحة والظروف الاقتصادية والاجتماعية والمالية تفرض وجود هذه الشركة ووجود
هذا النوع من الإدارة والتسيير، ولا يمكن لأي كان أن يطالب بنسخ هذه الشركة أو حذف هذا
الأسلوب الإداري وإلا كان غير واقعي إن لم نقل معتوها.
ويتعاقد كل مسير
وكل شريك، إذا كان سائر الشركاء مسيرين، (بصرف النظر عما إذا كان العقد التأسيسي (المكتوب إن كان أو
شفوي ) ينص على ذلك أم لا، أي وعند سكوته) مع الغير باسمه الخاص، ويسأل وحده عن
التصرفات التي أبرمها، سواء كانت تصرفات تجارية أو مدنية (بصرف النظر عما إذا
كانت شركة المحاصة تجارية أو مدنية)، ولو في الحالة التي يكشف فيها عن أسماء باقي
الشركاء دون موافقتهم، غير أنه إذا تصرف المحاصون علنا بصفتهم شركاء، يسألون
تجاه الغير كشركاء متضامنين (المادة 89 الفقرة الثالثة).
ويتبين من
المادة 89 ومن القواعد السابقة أن للمسير (أو المسيرين) علاقات مع الأغيار
وعلاقات مع الشركاء المحاصين :
الفقرة الأولى : علاقة المسير مع الغير
يملك المسير
سلطات واسعة في التعامل مع الأغيار لكونه يتعاقد باسمه الخاص وليس باسم
الشركة التي لا وجود لها لانعدام الاعتراف لها بالشخصية المعنوية، ويسأل وحده عن التصرفات
التي يبرمها ولو كشف عن أسماء باقي الشركاء دون موافقتهم (المادة 89). وبمعنى
آخر، لا يمكن لدائني المسير، أو أي شريك آخر إن كان جميع الشركاء مسيرين بالاتفاق
أو الواقع أن يرجع على باقي الشركاء ولا مقاضاتهم لتنفيذ التعهدات أو الالتزامات التي
تحمل بها ولو كشف المسير عن أسمائهم، شريطة أن يكون هذا الكشف دون موافقتهم.
أما إذا تم الكشف بموافقتهم أو اشترك أحدهم أو تدخل في إنجاز ذلك العمل صفته
فيسأل معه مسؤولية شخصية وتضامنية طبقا للفقرة الثالثة من المادة 89 التي
جاء فيها : ... غير أنه إذا تصرف المحاصون علنا بصفتهم شركاء يسألون تجاه الغير
كشركاء متضامنين».
وقضت المحاكم
المصرية بأن الشريك في شركة المحاصة يعتبر دائنا للشريك القائم بإدارة
الشركة بمقدار المبلغ الذي قدمه من حصته في الشركة، فإذا أفلس فليس له امتاز على
باقي الدائنين بل يخضع لقسمة غرماء.
ويتعين على
المسير (أو المسيرين) مراعاة التقييدات المنصوص عليها في العقد التأسيسي
(مكتوبا كان أو شفويا الذي يثبت بكافة وسائل الإثبات بشأن التسيير وشروطه (المادة
89 الفقرة الأولى)، فإن تم تجاوزها أو خرقها تحمل وحده بالنتائج والمسؤولية.
الفقرة الثانية : علاقة المسير مع الشركاء
تخضع علاقات
المسير بالشركاء وعلاقات الشركاء بعضهم ببعض (إن كان سائر الشركاء مسيرين) لشروط
النظام الأساسي، وعند سكوته تطبق، إن كانت شركة المحاصة ذات طابع تجاري (محاصة
تجارية)، على العلاقات بين الشركاء الأحكام المطبقة على
شركات التضامن
ما لم يشترط خلاف ذلك ( المادة 89 الفقرة الثانية )، بمعنى أن سائر الشركاء المحاصين
يسألون مسؤولية غير محدودة وتضامنية عن ديون الشركة (المادة 3 من القانون رقم
5.96)، أما إذا كانت المحاصة ذات طابع مدني (محاصة مدنية) فتطبق
مقتضيات قانون
الالتزامات والعقود، وخاصة المادة 1042 ق .ل. ع. المغربي التي تجعل الشركاء
يلتزمون تجاه الدائنين بنسبة حصة كل منهم في رأس المال ما لم يشترط العقد التضامن.
ويعتبر المسير
(أو المسيرون) لشركة المحاصة ذات الطابع التجاري (الذي يحترف باسمه الخاص أنشطة
تجارية) مكتسبا لصفة تاجر، ويخضع لمساطر الوقاية والمعالجة من الصعوبات (المواد
545 إلى 732 من مدونة التجارة)، ويلزمه القيد في السجل التجاري (المادة 69 من
مدونة التجارة) ومسك محاسبة تجارية (المواد 18 إلى 26 من مدونة التجارة) وفتح حساب
في مؤسسة بنكية أو في مركز للشيكات البريدية (المادة 18 من مدونة التجارة)، وتطبق
على عزله واستقالته وأجره القواعد المطبقة على المسيرين في شركة التضامن السابق
بيانها. أما المسيرون في شركات المحاصة المدنية فيخضعون للقواعد العامة في قانون
الالتزامات والعقود إلى جانب القواعد الخاصة بشركة المحاصة السابق بيانها.
ولا يترتب عن الحكم على المسير المحاص بفتح
مسطرة من مساطر المعالجة فتحها ضد شركة المحاصة (لانعدام الشخصية المعنوية) ولا
على باقي المسيرين والشركاء ما لم يشاركوا في إنجاز الأنشطة أو يظهرون أمام
الأغيار علنا وبمحض إرادتهم؛ إلا أن الحكم عليه بفتح المسطرة يؤدي إلى حل شركة
المحاصة؛ القاعدة العامة أن حل شركات المحاصة يخضع لقواعد وأسباب حل شركة التضامن
إن كانت شركة المحاصة تجارية (المادة 89 الفقرة الثانية) أما إذا كانت المحاصة
مدنية فإن الأحكام العامة في قانون الالتزامات والعقود هي المطبقة، إلا أن حل شركة
المحاصة لا يخضع للشهر بصرف النظر عن طبيعتها أكانت محاصة تجارية أو مدنية (المادة
88).
ولم تكتف بعض
التشريعات بإعلان صفة التاجر ومبدأ الإفلاس أو مساطر المعالجة، بل حددت مصير حصة
الشريك أو الشركاء في تفليسة المدير المحاص التاجر أو المحكوم عليه بمسطرة من
مساطر المعالجة، أو أي شريك تاجر آخر، مقررة حق مالك الحصة في استردادها من
التفليسة بعد أداء نصيبه في خسائر الشركة إذا كانت عينا معينة بذاتها وأفلس الشريك
الذي يحوزها؛ أما إذا كانت هذه الحصة غير مفرزة نقودا أو مثليات، فلا يكون لمالكها
إلا الاشتراك في التفليسة بوصفه دائنا بالباقي منها بعد خصم نصيبه من خسائر الشركة
(المادة 58 ق بحريني والمادة 189 ق قطري ).
ولا ترفع الدعوى
ضد شركات المحاصة سوى على المدير المحاص أو الشريك المحاص لتعامله باسمه الشخصي،
كما لا يجوز لباقي الشركاء مقاضاة الأغيار من أجل الأعمال التي باشرها المدير
لانعدام أية رابطة قانونية أو تعاقدية بينهم، ونظن أن هذا السبب هو الذي جعل
الباحثين في بريطانيا يطلقون على شركاء المحاصة الصامتين أو الساكتين «les
partenaires silencieux»،
ويجيز بعض الكتاب استعمال الدعوى غير المباشرة ودعوى الإثراء بلا سبب والتدخل في
الخصومة طبقا للقواعد العامة، وقد عبر عن رأيهم علي حسن يونس بقوله ….« ومع ذلك
يكون لدائني المحاصة الرجوع على الشركاء بطريق الدعوى غير المباشرة بما يكون هذا
المدير دائنا لهم به. كما يجوز للدائنين رفع دعوى الإثراء بل سبب على الشركاء في
شركة المحاصة لمطالبتهم بقدر ما عاد عليهم من
المنفعة على حسابهم. وبالمثل يستطيع الشريك أن يتدخل خصما ثالثا في النزاع الدائر بين
الغير والمدير أو الشريك الذي تعامل باسمه، إذا اقتضى الحال ذلك الكشف التواطؤ الحاصل
بينهما حتى لا تتأثر به حقوق الشركاء »
ويجوز لأي كان من الغير أن ينضم إلى المحاصين في الشركة شريطة إجماع
الشركاء طبقا للقواعد
العامة في الشركات التي درست مالم ينص في النظام الأساسي على خلاف ذلك، ونصت على هذه
القاعدة صراحة المادة 44 سعودية قائلة : « لا يجوز إشراك محاص جديد في نفس
نشاط الشركة إلا بموافقة جميع الشركاء ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك».
المبحث الثاني : إنقضاء شركة المحاصة
تنقضي شركة المحاصة بتحقق سبب من
أسباب الانقضاء العامة أو الخاصة المتعلقة بالاعتبار الشخصي، ومتى انقضت فإنها لا
تخضع لقواعد التصفية التي تخضع لها باقي الشركات، نظرا لانعدام الشخصية المعنوية
وبالتالي انعدام الذمة المالية المستقلة.
لذا
يستتبع انقضاء شركة المحاصة تسوية الحسابات بين الشركاء المحاصين لتعيين نصيب كل
شريك في الربح أو الخسارة، ونظرا لأن الغير لا يعلم بوجود الشركة كما أنه لا
يوجد تصفية يتم اشهارها، فإنه لا يسري على شركة المحاصة التقادم الثلاثي. وبالتالي
لا ينقضي حق الدائن في رفع دعوى على الشريك المدين إلا وفقا للقواعد العامة
للانقضاء.
وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين، سنتناول في المطلب الأول الأسباب
العامة لانقضاء الشركة، على أن نتطرق في المطلب الثاني الآثار المترتبة على انقضاء
شركة المحاصة.
المطلب الأول : الأسباب العامة لإنقضاء شركة المحاصة
سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين،
( الفقرة الأولى ) سنخصصها لطرق العادية لانقضاء الشركة فيما سنتناول في ( الفقرة
الثانية ) الطرق الخاصة لانقضاء الشركة.
الفقرة الأولى : الطرق العادية لإنقضاء الشركة
تنحل شركة المحاصة بالأسباب العامة لانحلال الشركات المنصوص عليها في الفصل 21 من مجلة الشركات التجارية، وهي كالآتي :
ـ انقضاء مدتها.
ـ انتهاء نشاطها الاجتماعي.
ـ إرادة الشركاء ( اتفاقهم على حل
الشركة و لو قبل انتهاء المدة التي نص عليها العقد التأسيسي أو تحقق الغرض الذي
تأسست من أجله ) .
ـ وفاة أحد الشركاء.
وعلاوة على ذلك فإنها تنحل إذا استحال على أحد الشركاء أن يحيل حصصه وكانت
الشركة مبرمة لمدة غير محددة.
حيث تنقضي الشركة بقوة القانون إذا انتهى الأجل المحدد لها بالعقد، حيث أنه
يكفي أن يحدد صراحة بعقد الشركة المدة التي تمارس نشاطها خلالها، فإذا انتهت هذه
المدة انقضت الشركة، بل إن الشركة تنقضي ولو لم يتم العمل الذي تكونت من أجله أو
كان الانقضاء على غير رغبة الشركاء.
الفقرة الثانية : الأسباب الخاصة لإنقضاء الشركة
المادة 91 من قانون 96.5 والتي تنص " إذا كانت مدة شركة المحاصة غير
محددة فإن حلها يمكن أن يترتب في كل حين عن تبليغ موجه من أحد الشركاء إليهم جميعا
شريطة أن يقع ذلك في حسن نية وفي وقت ملائم ".
بحيث يستشف من منطوق المادة أعلاه أنه و بغض النظر عن أسباب الانقضاء
الخاصة، تنقضي شركة المحاصة أولا بحلول الأجل المتفق عليه أو الانحلال المعجل
بواسطة الشركاء عندما تكون أنشئت لعملية تجارية محددة، كما تنقضي بتحقيق هدفها.
اما
إذا كانت لمدة غير محددة فتنقضي في أي وقت بإرادة منفردة لكل واحد من الشركاء على
أن لا تكون بسوء نية أو في وقت غير ملائم.
بالنسبة لأسباب الانقضاء الخاصة لشركات الأشخاص فتتمثل في موت أحد الشركاء؛
الحجز على أحد الشركاء أو إعساره أو إفلاسه؛ انسحاب أحد الشركاء من الشركة غير
محددة الأجل، كذلك طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة محددة الأجل.
وأخيرا يمكن أن تنقضي الشركة بوجود المسوغ القانوني والمتمثل خصوصا في عدم
وفاء أحد الشركاء بتعهداته أو ارتكابه غشا أو تدليسا ضد الشركة.
المطلب الثاني : الاثار المترتبة على إنقضاء الشركة
سنقوم بتقسيم هذا المطلب
إلى فقرتين. الفقرة الأولى سنخصصها لتصفية الشركة أما الفقرة الثانية سنتناول فيها
آثار انقضاء شركة المحاصة.
الفقرة الأولى : تصفية شركة المحاصة
بحسب الشروط الواردة في العقد التأسيس مع
مراعاة خصوصية شركة المحاصة باعتبارها عديمة الشخصية المعنوية وبالتالي عدم وجود
دائنين لها، فإن تصفيتها لا تعدوا كونها تسوية حسابية بين الشركاء للوقوف على نصيب
كل منهم في الأرباح والخسائر، والأصل أنه لا يلزم تعيين مصف لأجراء تلك التسوية
الحسابية وإنما يمكن أن يعهد بها الى أحد الخبراء المحاسبين.
أما إذا خلي عقد التأسيس من بيان كيفية تصفية
الشركة فتلجأ إلى تطبيق قواعد التصفية المتعلقة بشركات التضامن إذا كان محل شركة
المحاصة تجاريا، وإذا كان مدنيا فتطبق القواعد العامة لتصفية الشركات المنصوص
عليها في القانون المدني، وفي الغالب تتم تسوية الحسابات من طرف المسير، أو أحد
الشركاء أو من طرف الغير.
في الأصل كل شريك في
شركة المحاصة يستعيد حصصه العينية التي لاتزال ملك له والتي منح الانتفاع بها
للشركة، وفي حال منح أحد الشركاء حصة على سبيل التملك للمسير،
بإمكانه استرجاعها ماعدا
اتفاق يخالف ذلك، ثم بعد تعديد الديون يكون لكل شريك الحق في الحصول على نسبة من
الفائدة أو من رأس المال المتبقي حسب نسبة حصته التي قدمها.
الفقرة الثانية : آثار إنقضاء شركة المحاصة
تتميز شركة المحاصة من غيرها من الشركات حيث أن انقضائها لا يستوجب خضوعها لنظام التصفية نظرا أن شركة المحاصة لا تتمتع بالشخصية المعنوية وليس لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء، ويقتصر أمر التصفية عند انقضاء الشركة على مجرد تسوية الحساب بين الشركاء لتحديد نصيب كل منهم من الأرباح والخسائر.
إن
القضاء الفرنسي الحديث يميل إلى جواز تعيين مصفي في شركة المحاصة على أن لا يتضمن
هذا التعيين سلطات تتعارض مع طبيعة الشركة، فهذا المصفي لا يميل للشركة لأنها لا
تتمتع بالشخصية المعنوية و إنما كوكيل عن الشركاء.
ويتضح أن المصفي في شركة المحاصة وكيلا عن الشركاء لا عن الشركة فيقوم
بأعماله باسمهم ولحسابهم، إلا أنه لا يمكن للغير الرجوع للمصفي، إلا باسم الشريك
أو الشركاء كما يحق لكل شريك في شركة المحاصة استرداد حصته حيث يعتبر الشريك دائنا
للمدين الذي تسلم الأموال، أي الشريك المسير المحاصة.
بعد انتهاء من عملية التصفية يتم
تقسيم الأموال بين الشركاء طبقا للقواعد العامة في الملكية الشائعة وليس بتطبيق
أحكام قسمة الأموال، الشركة عند تصفيتها وإذا كان الشركاء قد اكتسبوا ملكية أموال
أثناء مزاولة النشاط فإنه يجب قسمتها.
إن شركة المحاصة لا تخضع
لنظام التصفية الذي تخضع له سائر الشركات التجارية لأنها لا تتمتع بالشخصية
المعنوية ولا رأس المال خاص بها، لذلك تقتصر شركة المحاصة عند إجراء عملية
المحاسبة والقسمة بين الشركاء عن أعمال الشركة حيث يمكن للشركاء أو خبير محاسب،
وفي بعض الأحيان يتولى مدير الشركة بإجراء عملية المحاسبة بين الشركاء التي
قام بها خلال حياة
الشركة ويقدم الحساب إلى سائر الشركاء ولا يتدخلون في إدارة المدير.
بعد أن ينتهي المصفي أو الخبير أو الحكم وضع الحساب يسترد كل من الشركاء الحصة التي قدمها إلى الشركة عينيا في حالة احتفظ بملكيتها ومازالت موجودة عند انقضاء الشركة أما في حالة لم تكن الحصة موجودة عينيا أو تغيرت ففي هذه الحالة يسترد قيمتها إما نقدا أو عينا من موجودات لأخرى للشرك، وفي الأخير يلتزم الشركاء بعد القسمة بينهم بضمان الاستحقاق أو ضمان التعرض.
تعليقات
إرسال تعليق