الأحكام العامة للشركات التجارية
وتعتبر الشركات التجارية الإطار الأكثر ملائمة للقيام بالمشاريع في ظل الاقتصاديات الحديثة، ذلك أن التاجر الفرد يعجز في غالب الأحيان عن القيام بالمشاريع الكبرى التي تتطلب استثمارات كبيرة وتشغل مئات العمال، كما أن الاقتصاد الحديث يتطلب كفاءة كبيرة في التسيير والإدارة غالبا ما لا تتوفر في التاجر الفرد. من هنا كانت الشركات التجارية أفضل وسيلة لمزاولة الأعمال التجارية فهي بحكم طريقة تكوينها وإدارتها تنشأ منذ ولادتها مسلحة بالأدوات القانونية والمادية التي تمكنها من مزاولة نشاطها بكفاءة، في شخص اعتباري مجرد يتحكم في مصيره، يعتريه فقط نقص وحيد يتمثل في الأداء من قبل المسيرين أو الأعضاء.
المطلب الأول : الطبيعة القانونية للشركات التجارية
إن معايير التمييز بين التاجر وغير التاجر تتم
وفق معايير التمييز بين الشركات التجارية والمدنية وذلك غلى وقت قريب، أي استنادا
إلى نوع النشاط المزاول هل هو تجاري أو مدني. فالتجار الأفراد يكتسبون الصفة
التجارية بممارستهم لنشاط تجاري على سبيل الاعتياد أو الاحتراف، مما يعني أن
المعيار في ذلك معيار موضوعي حيث من النشاط المزاول تنسحب الصفة التجارية على
الممارس. نفس المنطق يعمل به بالنسبة للشركات، فالشركة تعتبر تجارية إذا كان غرضها
أي نوع النشاط الذي تمارسه تجاريا، وتعتبر مدنية إذا كان غرضها مدنيا.غير أنه بصدور القانون الجديد للشركات تغير الوضع، فقد نص المشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي على اعتبار كافة الشركات تجارية بالشكل باستثناء شركة المحاصة التي لا تعتبر تجارية إلا إذا كان غرضها تجاريا، فالشركة تعد تجارية إذا اتخذت شكل شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة أو توصية بالأسهم، أو شركة ذات مسؤولية محدودة، أو شركة مساهمة. فالقانون نظم كل واحدة من هده الشركات واستلزم فيها إتباع النظام القانوني الموضوع لها، بما فيه الإجراءات الشكلية التي يجب احترامها عند تأسيسها، حيث عندئذ تعد تجارية حتى ولو كان نشاطها مدنيا وهو ما يعني بمفهوم المخالفة أنه إذا لم تحترم في تأسيس الشركة النظام الخاص الموضوع من قبل قانون الشركات، فإنها لا تعد تجارية إلا إذا كان غرضها تجاريا.
الفقرة الأولى : القواعد القانونية المنظمة للشركات
التجارية
إن الشركات التجارية تِؤطرها ثلاثة قواعد
قانونية أساسية وهي:- اتفاقات الأطراف فهي ما يتفق عليه الشركاء عند تأسيس الشركة أو بعد تأسيسها، هذه الاتفاقات تلعب دورا مهما في شركات الأشخاص، بينما لا يبقى لها أي دور بعد تأسيس شركات الأموال حيث يحل القانون محل عقد تأسيس الشركة.
- القانون المدني الذي يؤطر عقد الشركة من الفصول 959 إلى 1091 من ق ل ع، ويكون له دور أساسي قبل اكتساب الشركة للشخصية المعنوية أي قبل تسجيلها في السجل التجاري، أما بعد ذلك فتحل القوانين التجارية ولا يبقى للمدني أي دور.
- القوانين التجارية أي مدونة التجارة قانون رقم 15.95 ثم قانون شركات المساهمة ق 17.95 ثم قانون باقي الشركات التجارية ق 5.96 وكذلك قانون إحداث المحاكم التجارية ق 53.95.
ومع ذلك يمكن القول أن قوانين التجارة والشركات التجارية المغربية هي موروثة عن التشريع الفرنسي وتتسم بالتشتت وعدم الانسجام فيما بينها وكثرة الإحالات على بعضها، وعدم ملائمة الواقع المغربي في كثير من الأحيان، فقد كان قانون الشركات الفرنسي الصادر سنة 1867 هو الذي يطبق في المغرب بموجب ظهير 1922 إلى غاية 30 شتنبر 1996 حيث صدر قانون شركات المساهمة المغربي، القواعد القانونية المنظمة للشركات التجارية لكن المشرع المغربي يحاول كل مرة تعديل هذه القوانين بما يناسب التطورات التي يشهدها الاقتصاد المغربي.
الفقرة الثانية: خصائص الشركة وتمييزها عن باقي النظم المشابهة لها
إن عقد الشركة يعتبر الميثاق الذي يترجم إرادة الشركاء في التشارك، ناهيك أنه يحدد طريقة تأسيس الشركة، ومنهج تسييرها، وحلها. فعقد الشركة بهذا المعنى يعتبر شريعة المتعاقدين، ومرجعهم في التعامل وإبرام التصرفات باسم الشركة ولفائدتها، وهذا ما ذهب إليه قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم734 الصادر بتاريخ 15/06/2004 ملف عدد 383/04 والذي جاء فيه: ''العقد شريعة المتعاقدين، وعليه يجب الاحتكام إلى قواعد القانون الأساسي للشركة سواء منها المتعلقة بالقرارات العادية أو الاستثنائية مادامت لا تتعارض مع القواعد الآمرة".وبالرجوع للمادة 982 من ق.ل.ع المذكورة أعلاه نجد مفردات مثل ''شخصان أو أكثر ...مشتركة...تقسيم الربح...'' حيث تعتبر هذه الكلمات جوهرية تفيد بالفعل أن الشركة عبارة عن تجمع ذو غاية نفعية مربحة، وتبقى الشركة بالإضافة إلى هذا تجمعا لينا يقوم على مبدأ المساواة كما سنرى ونحن نتحدث عن خصائصها ومن بينها:
1- الشركة تجمع: أي وجود شخصين وأكثر مثل باقي التجمعات كالجمعيات والنقابات والتعاونيات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، على أن الاستثناء الملفت للنظر هو ما جاء به القانون رقم 5.96 الذي أدرج في التشريع المغربي لأول مرة ما يصطلح على تسميته بالشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد والذي يرمز إليها ب: SARL.
أما فيما يخص تمييز الشركة عن باقي النظم القانونية المشابهة لها سواء باعتبار الشركة تجمعا أو عقدا نجد هذه النظم مثل الجمعية والشياع وعقد القرض وعقد العمل. فالجمعية وإن كانت تتكون من مجموعة من الأشخاص إلا أنها في الغالب لا تهدف إلى الربح، وغرضها يكون في الغالب غير تجاري بل تتميز بغرض اجتماعي أو ديني أو ثقافي أو رياضي أو خيري. أما تمييز الشركة عن الشياع كما يصفه المشرع المغربي في الفصل 959 من ق.ل.ع هو نوع من أنواع الإشتراك ويعرف كالتالي: " حالة قانونية تنشأ إذا كان الشيء أو الحق لأشخاص متعددين بالإشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع". ومن هنا فإن الشياع يكون إما اختياريا كالاتفاق على شراء أصل تجاري مثلا من طرف عدد من الأشخاص يتملكونه بصورة جماعية، أو يكون اضطراريا كشياع التركة الناجم عن الوفاة (المادة 960 من ق.ل.ع). بينما في حالة تمييز عقد الشركة عن عقد القرض فهو أن الأول يرتكز على نية تحقيق الأرباح والإلتزام بتحمل الخسائر، وهو ما دفع بالمشرع المغربي في الفصل1035من ق.ل.ع أن ينص على بطلان الشرط الذي يعفي أحد الشركاء من تحمل أية خسارة وذلك لأنه يمس بمبدأ المساواة الذي يقوم عليه عقد الشركة، وتبعا للنية الحقيقية التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين حتى لا نكون أمام عقد يخفي في الحقيقة عقد قرض. هذا من جانب، من جانب آخر وعلى صعيد تمييز عقد الشركة عن عقد العمل فهذا الأخير يقوم بالدرجة الأولى على فكرة التبعية، أما عقد الشركة فيقوم على نية المشاركة والاتحاد في تحمل المخاطر، ولننسى مبدأ المساواة الذي يجب أن يتوفر في عقد الشركة عكس عقد الشغل.
المطلب الثاني: أركان تأسيس الشركة التجارية
إن تأسيس عقد الشركة شأنه شأن كافة العقود، لابد أن تتوفر فيه الأركان العامة للتعاقد من رضا وأهلية ومحل وسببالفقرة الأولى :
أركان الموضوعية العامة لعقد الشركة
لا تختلف هذه الاركان
عن الاركان العامة لصحة العقد والمتمثلة في الأهلية والرضا والمحل والسبب.أولا : الرضى
إذا كان العقد إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه، فإن الرضى هو الركن الأصلي للعقد والدعامة الأساسية التي يرسى عليها، وهو إتجاه الإرادة إلى إحداث الأثر القانوني المطلوب فتخلف الرضى يجعل عقد الشركة باطلا بطلانا مطلقا، أما إذا تغيب رضا احد الشركاء لعيب من عيوب الإرادة، كالغلط والتدليس والإكراه والغبن، كان العقد قابلا للإبطال لمصلحة الشخص الذي عيبت إرادته، وقد يقع الغلط على طبيعة العقد كما لو اعتقد أحد الشركاء أنه يشترك في شركة ذات مسؤولية محدودة في حين أنه يشترك في شركة التضامن كما قد يقع على احد الشركاء في الحالات التي يكون فيها لشخصية الشركاء أهمية في التعاقد وتكون محل الإعتبار كما هو الحال في شركات التضامن
ثانيا : اهلية الشركاء
يقصد بالأهلية عموما قدرة الشخص على المشاركة في الحياة القانونية، وهي تخضع عموما لقواعد مدونة الأسرة مع بعض الخصوصيات التي نصت عليها النصوص المنظمة للشركات والتي تختلف باختلاف نوع الشركة وصفة ووضعية الشركاء فيها وتختلف الأهلية المتطلبة في الشريك حسب اختلاف نوع الشركة، فعلى سبيل المثال بالنسبة للشركاء المتضامنين في شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة يجب أن يتوفروا على أهلية تجارية، لأنهم يتحملون المسؤولية تضامنا، ويكتسبون صفة التاجر بانخراطهم فيها.
أما بالنسبة للشركاء الموصيين في شركة التوصية، والشركاء في باقي أنواع الشركات فيكفي ان تتوفر فيهم أهلية القيام بالتصرفات القانونية الا أنهم لا يكتسبون صفة التاجر بدخولهم فيها، ولا يسألون عن ديونها إلا في حدود حصتهم في رأس المال.
وهو الغرض الاجتماعي، أي المشروع الاقتصادي الذي يسعى الشركاء تحقيقه، ويجب ان يكون محدد ومعينا وغير مستحيل استحالة مادية أو قانونية، ويكون محظور ومشروعا، غير مخالف للنظام العام والاخلاق الحميدة وينتج عن عدم مشروعية المحل بطلان الشركة بقوة القانون
رابعا : السبب
السبب هو الغرض المباشر المجرد الذي يقصد الملتزم الوصول إليه من وراء تحمله بالالتزام ويشترط أن يكون موجودا، وهذا ما نصت عليه المادة 62 من قانون اللإلتزامات والعقود على أن (الالتزام الذي لا سبب له، أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن ).
الفقرة الثانية :
الشروط الموضوعية الخاصة
بالإضافة إلى الأركان
الموضوعية العامة، يتميز عقد الشركة بضرورة توافر أركان أو شروط موضوعية
خاصة به، وهي تعدد الشركاء، تقديم الحصص، نية المشاركة واقتسام الأرباح والخسائر.أولا : تعدد الشركاء
في التعريف المشرع لعقد الشركة في الفصل 982 من ق.ل.ع نجده ينص على أن عقد الشركة بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر. وعليه كمبدأ عام فإنه من غير المتصور أن تكون الشركة دون أن يتعدد الشركاء، ذلك أن المنطلق والمعنى السليم وقوة الأشياء نفسها والطابع التعاقدي كلها اعتبارات وأسباب تتطلب تعدد الشركاء، وإذا كان ق.ل.ع ينص على استثناء وحيد لهذه القاعدة. وهي إمكانية استمرار الشركة برجل واحد في حالة حل الشركة لخلافات خطيرة والانسحاب فإن المشرع المغربي قد ادخل بمقتضى المادة 44 من القانون 5.96 نوعا من التجديد على ركن التعدد هذا عندما نص على أنه ''تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة في شخص أو أكثر لا يتحملون الخسائر سوى في حدود حصصهم''
ثانيا : تقديم الحصص
إن رأسمال الشركة يأتي في مقدمة الموارد التي تعتمد عليها الشركة لتمويل مشروعها، كما يشكل الجزء الثابت من موجوداتها التي تكون ضمانها العام، وفي نفس الوقت ذاته يعطي صورة واضحة عن المركز المالي والقوة الإقتصادية التي تتمتع بها الشركة.
ويتم إثبات الرأسمال في جانب الخصوم لأنه يتشكل من حصص المشاركة، لذلك فهي بمثابة ديون عليها، ومن الناحية القانونية فإن الرأسمال يظل هو الحد الأدنى لضمان ديون الشركة.
ورأسمال الشركة يتكون من مجموع الحصص التي يقدمها الشركاء، فتقديم الحصة يكتسي أهمية بالغة ليس فقط على صعيد الاقتصادي حيث يبرز كعنصر أساسي في تمويل المشروع وإنما على الصعيد القانوني أيضا، حيت تشكل أغلب الحصص رأسمال الشركة ونواة ذمتها المالية.
أ - الحصة النقدية: غالبا ما يقدم الشريك مبلغا من النقود حصة في الشركة، وعلى الشريك في هذه الحالة أن يدفع ذلك المبلغ في الموعد المتفق عليه، فإذا لم يحدد ذلك الموعد، كان المبلغ مستحق الأداء فور إبرام عقد الشركة، ما لم يقض مقتضى خاص بخلاف ذلك. وإذا ماطل الشريك في تقديم حصته ساغ لباقي الشركاء أن يطلبوا الحكم بإخراجه من الشركة. أو أن يلزموه بتنفيذ تعهده قضائيا. وفي كلتا الحالتين يمكن مطالبته بالتعويض عما لحق الشركة من خسارة ( الفصل996 من ق ل ع) .
ب - الحصة العينية: هي المال الغير النقدي أو الحق على المال، ولقد نصت المادة 988 من قانون الإلتزامات والعقود على أنه : يسوغ أن تكون الحصة في رأس المال نقودا أو أشياء أخرى، منقولة كانت أو عقارية أو حقوق معنوية، كما يسوغ أيضا أن تكون عمل أحد الشركاء أو حتى عملهم جميعا ومن زاوية اقتصادية يمكن تحديد الحصة العينية في بدائل النقود للاحتفاظ بالثروة، كما يمكن التعبير عنها بالرأسمال العيني والملاحظ أن أهم ما تمتاز به هذه الحصة هي خاصية التعدد وتنوع أشكالها فيمكن أن تشمل العقارات بمختلف أنواعها، وكذا جميع المنقولات المادية منها و المعنوية، آلات، أصول التجارية.
ج - الحصة الصناعية: المقصود بالحصة الصناعية العمل الفني أو الاداري المؤهل مثل عمل المهندس والمسير المدير، وليس مجرد العمل التبعي المأجور الذي وان كان صاحبه يحصل على نسبة من الأرباح، فإنه لا يعتبر شريكا، ولكن مجرد عامل بالأرباح، فأهم ما تتميز بها هذه الحصة هو طابع الاستمرارية الذي من شأنه أن يخلق للمجال عدة آثار تكاد تنفرد بها هذه الحصة، ذلك أن تقديم الحصة العمل يقتضي من الشريك تقديم خدماته لصالح الشركة ما دام عضوا فيها.
قدمنا أن الحصص التي يقدمها الشركاء قد تكون حصص نقدية أو عينية أو صناعية، ولا تدخل هذه الأخيرة في تكوين رأس مال الشركة إلا استثناء حيث يتكون فقط من الحصص النقدية والعينية، فهذه الحصص الأخيرة هي وحدها التي تشكل الضمان العام لدائني الشركة، لأنها وحدها تكون قابلة للتنفيذ الجبري عليها. ويشكل رأس المال بالمفهوم المتقدم، الضمان الذي أعلنته الشركة عند بدأ حياتها، وهو الذي يتم إعلانه إلى الغير قصد التعامل مع الشركة. ويتعين الإشارة بهذا الخصوص أن رأس المال يتميز بمجموعة من الخصائص. حيث لا يجوز المساس به حماية للضمان المشار إليه. كما يخضع لمبدأ الثبات، وهوما يمنع زيادته أو إنقاصه إلا باتباع الإجراءات اللازمة لتعديل النظام الأساسي الشركة، كما يمنع توزيع أرباح تقتطع من رأس المال، وإلا كانت أرباحا صورية، حيث يمكن أن يتابع الشركاء بجريمة توزيع أقساط أو أرباح صورية (المادة 384 من قانون 95-17). وعلى العموم، فإن رأس مال الشركة بالمفهوم المتقدم يختلف عن موجودات الشركة أو أصولها، ذلك أنه بعد أن تباشر الشركة نشاطها، وتدخل في علاقات مع الغير، وتكتسب من ورائها أرباحا وتمنى فيها بخسائر يتغير مركز الشركة ويتحدد وصفها لا على ضوء رأس المال ولكن على ضوء ما تمتلكه من أموال ثابتة ومنقولة وما عسى أن يكون لها من حقوق قبل الغير، أي باختصار على ضوء موجودات الشركة. وهكذا فإن موجودات الشركة هي ما تمتلكه الشركة من أموال ثابتة ومنقولة وما يكون لها من حقوق لدى الغير، وتسمى هذه الموجودات بالموجودات الإجمالية، فإذا ما خصم منها ما على الشركة من ديون، إضافة إلى الحقوق المعدومة، أي التي لا أمل في تحصيلها، سمي الباقي بالموجودات الصافية. وعلى ضوء مقارنة موجودات الشركة برأسمالها يتحدد مركز الشركة الحقيقي. فإذا ما نتج عن هذه المقارنة زيادة قيمة الموجود على قيمة رأس المال فهذا يعني أن الشركة قد حققت أرباحا.
رابعا : نية المشاركة
تعتبر نية المشاركة عماد الشركة وقوام فكرتها، فليست الشركة إلا توافق إرادات أشخاص اتجهت نيتهم إلى إنشاء مشروع، ولولا هذه النية لما دخلوا في شركة ولعمل كل على انفراد. والأصل توافر هذه النية متى اجتمعت إرادة الشركاء على الدخول معا في شركة لاستغلال مشروع ما واقتسام الأرباح والخسائر، ويظل هذا الأصل قائما حتى يثبت العكس، كأن يتبين أن بعض الشركاء لم يدخلوا الشركة إلا بقصد عرقلة نشاطها وذلك لحساب شركة منافسة، أو يكون هناك خلاف حاد بين الشركاء بحيث يصبح لكل منهم هدف آخر غير تسيير أمور الشركة. وبهذا الخصوص قضت محكمة الاستئناف التجارية بفاس، أن البحث عن نية المتعاقدين حول قيام الشركة أم لا، لا يلجأ إليه إلا إذا كانت عبارات العقد غامضة وقابلة للتأويل.
وهكذا فإن نية المشاركة تقتضي التعاون الإيجابي على قدم المساواة لتحقيق غرض الشركة عن طريق إدارة المشروع وقبول المخاطر الشركة. وينطوي هذا الركن على عنصر عاطفي، بمعنى أن الشركاء يتعلقون بأعمال الشركة كما لو كانت أعمالهم الخاصة، ويبذلون من العناية في تدبير مصالحها ما يبذلونه في تدبير مصالحهم الخاصة. وقد ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بفاس في أحد قراراتها "أن قيام شركة بين طرفين في مجال معين تلزم طرفيها بالمحافظة على الشركة وعلى الأغراض المعدة له وليس لأي واحد من الشريكين إيقاف نشاطها أو عرقلته بإرادته المنفردة. لما ثبت أن أحد الشريكين استحوذ على مقر الشركة ووثائقها الإدارية وأنشأ شركة منافسة للأولى تعين إرجاع الحال إلى ما كان عليه" في إطار الفصل 21 من القانون المنظم للمحاكم التجارية.
خامسا: اقتسام الأرباح والخسائر
يهدف الشركاء في تأسيس الشركة تحقيق مشروع اقتصادي بهدف جني الأرباح الناتجة عن ذلك وتحمل الخسائر المحتملة كذلك، وقد أكد المشرع هذه القاعدة في الفصل 1033 من ق.ل.ع حيت نص على أن ' نصيب كل شريك في الأرباح والخسائر يكون بسبب حصته في رأس المال ..' وينتج عن ذلك أن كل شرط من شأنه أن يمنح أحد الشركاء نصيبا في الأرباح أو في الخسائر أكبر من النصيب الذي يتناسب مع حصته في رأس المال، ويكون باطلا ومبطلا لعقد الشركة نفسه، حيث يمكن للشريك المتضرر من هذا الشرط أن يرجع على الشركة في حدود مالم يقتضيه من نصيب في الربح أو ما دفعه زائد على نصيبه في الخسارة مقدرا في كلتا الحالتين بنسبة حصته في رأس المال.
الفقرة الثالثة : أركان
الشكلية الخاصة
لقد اشترط المشرع
المغربي لإنعقاذ الشركة بالإضافة إلى الأركان العامة والشروط الموضوعية الخاصة ،
أن ينظم بهذا الأخير عقد مكتوب ، وأن يتم شهر ذلك العقداولا: الكتابة
ليس من شك في أن الدخول في شركة تجارية يعتبر من الأعمال الخطيرة التي يعرض بها الشريك، في بعض الأحيان كل ذمته المالية للخطر. كما أن الشركة تعقد عادة كي تستمر فترة من الزمن، وقد يكثر فيها الشركاء، وتكثر بالتالي الشروط التي تنظم انضمامهم واستمرارهم وخروجهم من هذا التنظيم القانوني أي الشركة، زد على ذلك أن عقد الشركة ليس ككل العقود، حيث يتمخض عنه كائن قانوني يحيى فترة من الزمن هو الشخص المعنوي. وقد استوجب المشرع المغربي كتابة النظام الأساسي للشركة بموجب المادة 11 من قانون 95- 17 المنظم لشركة المساهمة والذي نص على ما يلي" يجب أن يوضع النظام الأساسي كتابة ... لا تقبل بين المساهمين أية وسيلة إثبات ضد مضمون النظام الأساسي. يجب أن تثبت الاتفاقات بين المساهمين كتابة". ولكل ما سبق يتعين أن يكون عقد الشركة مكتوبا (باستثناء شركة المحاصة). كذلك فإنه في حالة أي تعديل يطرأ على هذا العقد يجب أيضا أن يخضع للكتابة وللتسجيل في السجل التجاري
ثانيا : شهرعقد الشركة
نظم المشرع شهر الشركة التجارية، باستثناء شركة المحاصة، لأنها شركة خفية لا تتمتع بشخصية معنوية. ويتم هذا الشهر طبقا للأوضاع والإجراءات التي يحددها القانون. ويرمي المشرع من وراء هذه العملية توفر الأغيار على المعلومات الضرورية عن خصائص ومميزات الشركة، وكذا إعلان ميلاد الشخصية المعنوية من خلال التسجيل في السجل التجاري. وعلى هذا الأساس يتعين على مؤسسي الشركة أن يقوموا بجميع إجراءات الشهر والمتمثلة أساسا في الإيداع والإشعار والإعلان، وذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية.
أ - الايداع : ويتحقق بإيداع نسختين من النظام الأساسي إذا كان موثقا، أو نظيرين منه إذا كان عرفيا بكتابة ضبط المحكمة الموجود بها المقر الاجتماعي في أجل ثلاثين يوما من تاريخ تأسيس الشركة( المادة 95 من قانون 96-5) مع قيد ملخص منه في السجل التجاري.
ب - النشر: يجب نشر إشعار أو إعلان في الجريدة الرسمية وفي جريدة للإعلانات القانونية يتضمن مستخرجا من النظام الأساسي داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التأسيس. ويجب أن يتضمن المستخرج 1-شكل الشركة 2- تسميتها 3- غرضها 4- مقرها الاجتماعي 5-مدتها 6- مبلغ رأسمالها 7- أسماء الشركاء وصفاتهم ومواطنهم 8- أسماء وصفات ومواطن الشركاء أو الأغيار الذين يحق لهم إلزام الشركة اتجاه الأعيار 9- كتابة ضبط المحكمة التي تم به الإيداع (المادتان 93 و 96 من قانون 96-5).
الفقرة الرابعة :
جزاءات مخالفة شروط التأسيس
يترتب على مخالفة شروط تأسيس الشركة البطلان
مبدئيا مع قيام المسؤولية المدنية والجنائية للمسؤولين عن ذلك.أولا : البطلان و أسبابه
إقتداءا بما أفرزته تجربة المجموعة الأوروبية على هذا المستوى، أرسى القانون الجديد للشركات نظاما خاصا للبطلان يختلف باختلاف أسبابه، كما أنه يختلف من حيث آثاره عن نظام البطلان الذي ترسيه القواعد العامة، ولبيان ذلك وجب علينا التوقف على أسباب البطلان.
أ - أسباب البطلان : طبقا للمادة 1 من قانون الشركات، فإن بطلان الشركة لا يمكن أن يترتب إلا عن نص صريح من هذا القانون أو عند أحد أسباب بطلان العقود بشكل عام، فهذا يعني أن أسباب بطلان الشركة تتوقف على اختلال أحد الأركان الموضوعية العامة أو الخاصة أو اختلال الشروط الشكلية.
ب - إختلال الأركان الموضوعية العامة أو الخاصة : بالنسبة للأركان الموضوعية العامة فإن تخلفها يؤدي إلى بطلان العقد أو إبطاله حسب القواعد العامة للتعاقد. أما بالنسبة للأركان الموضوعية الخاصة، فيترتب على تخلفها بطلان العقد مبدئيا، إلا أنه تطبيقا للقواعد العامة وخاصة الفصل 309 من ق.ل.ع الذي يقضي بأنه: إذا بطل التزام باعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يضح به التزام آخر جرت عليه القواعد المقررة لهذا الالتزام الآخر، فإنه إذا كان الركن المتخلف يجعل العقد قابلا لتكييف آخر، فإنه يسار إلى أعمال قواعد ذلك العقد، كما لو كان الركن المتخلف يتعلق بنية توزيع الأرباح حيث يمكن أن يتحول العقد إلى جمعية أو تعاونية إذا توافرت شروطه الأخرى.
ج - اختلال الشروط الخاصة : بالنسبة للشروط الشكلية الخاصة فهي التي تتعلق بها مقتضيات المادتين 33 و338 المشار إليهما أعلاه، من حيث أنه لا يمكن أن يترتب بطلان الشركة إلا على نص صريح في قانون الشركات، وأنه بالنسبة للشروط النظامية المخالفة للقواعد الآمرة الواردة، فيه فإنها تعتبر كأن لم تكن دون أن يؤدي ذلك إلى بطلان الشركة. وإذا رجعنا إلى المقتضيات الخاصة بتأسيس الشركات فإننا نجد أن حالات البطلان التي نص عليها القانون هي عدم تأريخ النظام الأساسي أو عدم تضمينه البيانات القانونية الأساسية بالنسبة لشركة التضامن والتوصية البسيطة (المادة 5)، وبالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة (المادة 50 من ق.ش)، وعدم احترام إجراءات الإيداع والنشر (المادة 980 (.
ثانيا: المسؤولية المدنية والجنائية
كما لاحظنا فإن المشرع خفف من نظام البطلان المترتب على عدم احترام شروط تأسيس الشركات التجارية، إلا أنه نص مقابل ذلك على المسؤولية المدنية والجنائية للمسؤولين عن ذلك. فقرر أن المسيرين الأوائل والشركاء المنسوب إليهم بطلان الشركة أو بطلان أحد مقرراتها تعتبرون مسؤولين على وجه التضامن تجاه الشركاء الآخرين والغير عن الضرر الناتج عن البطلان، وتتقادم هذه الدعوى بمرور خمس سنوات من قرار البطلان (المادة 92 من قانون الشركات) ويلاحظ أن هذه المقتضيات تعمل فقط في الحالات التي تصرح فيها للمحكمة بالبطلان، أما في الحالات التي يتم فيها تدارك سبب البطلان وتقادم دعواه فإن المسؤولية المدنية الناتجة عن الأضرار اللاحقة سواء لشركة أو الشركاء أو الاغيار تظل محكومة بالقواعد العامة للتعويض.
وفضلا عن ذلك فإن المشرع نص على معاقبته المسيرين الذين يقومون داخل الآجال القانونية بإيداع الوثائق أو العقود لدى كتابة الضبط بالمحكمة أولا يقومون بإجراءات الشهر بغرامة بين 10.000 و50.000 درهم.
تعليقات
إرسال تعليق