مسطرة التحكيم في نزاعات الشغل الفردية |
مسطرة التحكيم في نزاعات الشغل الفردية
لا شك أن الإقرار بجواز التحكيم في نزاعات الشغل الفردية له آثار مهمة على مستوى اختصاص القضاء العادي من عدمه، لذلك لابد من معالجة آثار اللجوء للتحكيم في (المطلب الأول) وذلك قبل اللجوء لمسطرة التحكيم في (المطلب الثاني).
المطلب الأول : آثار اللجوء إلى التحكيم
يلزم اتفاق التحكيم الأطراف بأن يعهدوا بالمنازعة الناشئة بينهم والمتفق على حلها بواسطة التحكيم إلى الهيئة التحكيمية أو الحكم وثبوت عدم نظر قضاء الموضوع المختص بالنزاع، لكن هل ستظل الهيئة التحكيمية أو الحكم مختصة دائما بالنظر في جميع جوانب ذلك النزاع، هذا ما سنعالجه في هذه المطلب من خلال فقرتين، الأولى سنتعرض فيها لإسناد الاختصاص للهيئة التحكيمية والثانية للإبقاء على اختصاص قضاء الموضوع.
الفقرة الأولى : إسناد الاختصاص للهيئة التحكيمية بدل القضاء
يبقى الأثر البارز لاتفاق التحكيم من الناحية الإجرائية هو نقل الاختصاص من قضاء الدولة وإسناده للهيئة التحكيمية، ويصبح هذا الأخير صاحب الولاية في تسوية المنازعات القائمة بين الطرفين (الأجير والمشغل)، والمبرم بشأنها اتفاق تحكيم وذلك بحرمان أطراف العقد من اللجوء إلى القضاء بشأن النزاع الذي وقع الاتفاق على حله عن طريق التحكيم.
وقد نص المشرع المغربي على هذا المبدأ من خلال الفصل 327 من قانون 05-08 بنصه على أنه: "عندما يعرض نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية عملا باتفاق تحكيم على نظر إحدى المحاكم وجب على هذه الأخيرة إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع أن تصرح بعدم القبول إلى حين استيفاء مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم إذا كان النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية وجب كذلك على المحكمة بطلب من المدعى عليه أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن بطلان اتفاق التحكيم واضحا".
ومعنى ذلك أن الهيئة التحكيمية هي من يثبت لها سلطة الفصل في النزاع بموجب اتفاق التحكيم، ويبدأ الطرفان في إجراءات التحكيم التي تبتدئ من يوم تسلم المدعى عليه لطلب التحكيم من المدعى، ثم يأتي بعد ذلك تشكيل الهيئة التحكيمية والإجراءات المتبعة والعمل بها ومسألة اختصاصها للنظر في النزاع إلى غير ذلك من الإجراءات...
وهذا ما سار عليه القضاء المغربي في بعض قراراته، حيث جاء في أحد القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى ما معناه وجوب احترام سلطان الإرادة الطرفين الذين اختارا بمحض إرادتهما التحكيم كجهة قضائية للبت في النزاع ونقض القرار الاستئنافي لخرقه مقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود الذي يعتبر العقد شريعة المتعاقدين.
غير أنه لابد من الإشارة إلى أن المحكمة الابتدائية تعتبر الجهة الأصلية للبت في النزاع المتعلق بعقد الشغل الفردي، وأنه لابد من إثارة الدفع بوجود شرط أو عقد التحكيم قبل كل دفع أو دفاع وإلا بتت المحكمة في النزاع.
هذا فهذا الدفع من الدفوع الشكلية التي يجب إثارتها قبل الدخول للجوهر وإلا كانت غير مقبولة، وهذا ما استقر عليه المجلس الأعلى في بعض قراراته التي جاء فيها " فهذا الدفع لا يمكن إثارته لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ما لم يتعلق الأمر بالنظام العام وما لم يكن الحكم قد صدر غيابيا في حق المتمسك به ""
ورغم وجوب إثارة هذا الدفع قبل كل دفع أو دفاع فإنه غير مرتبط بالنظام العام بصريح الفقرة الرابعة من الفصل 327 التي أكدت على أنه: "لا يجوز للمحكمة في كلتا الحالتين أن تصرح تلقائيا بعدم القبول".
والنقاش المثار حاليا ينصب حول إمكانية المحكمة في النظر بالنزاع إذا قضت ببطلان إجراءات التحكيم؟
" إذا أبطلت محكمة الاستئناف الحكم التحكيميي تبت في جوهر النزاع في إطار المهمة المسندة إلى الهيئة التحكيمية ما لم يصدر حكم بالإبطال لغياب اتفاق التحكيم أو بطلانه". جواب الفصل 23-327 من القانون 05-08 على السؤال المثار كان واضحا ولا يستدعي أي توضيح أو تعليق.
هناك إشكالية قد تثار أثناء نظر الحكم أو الهيئة في التحكيم في نزاع الشغل الفردي ومتعلقة باختصاصه أو عدم اختصاصه وهو ما يعرف بقاعدة الاختصاص بالاختصاص؟
ألزم المشرع المغربي الهيئة التحكيمية وقبل اتخاذ أي قرار في النزاع البت في صحة اختصاصها وذلك من خلال نص الفصل 94-327 من القانون -05-08 بقوله : "على الهيئة التحكيمية قبل النظر في الموضوع أن تبت إما تلقائيا أو بطلب من أحد الأطراف في صحة أو حدود اختصاصها أو في صحة اتفاق التحكيم وذلك بأمر غير قابل للطعن وفق نفس شروط النظر في الموضوع"
وهذا النص كان ولا زال محل انتقاد فقهي، إذ يرى البعض أنه لم يكن يتوجب على المشرع المغربي أن ينص على صيغة الوجوب في الفصل 9-327 أسوة بباقي التشريعات الأخرى المقارنة، كما كان من اللازم على المشرع المغربي ألا يقرن مسألة الطعن باختصاص الهيئة التحكيمية مع الطعن في الموضوع، إذ يجب انتظار صدور المقرر التحكيمي في الموضوع ويعرض احتمالا على السلطة القضائية لمنحه الصيغة التنفيذية لحظتها فقط، سوف تتم ملاحظة عدم صحة الأمر بالاختصاص بعد ضياع الكثير الوقت والجهد والمال.
ويترتب على مبدأ الاختصاص بالاختصاص أثران هامان : الأول إيجابي متمثل في اختصاص المحكمين وحدهم بالبت في كل مسألة تتعلق باختصاصهم دون مواجهتهم بقاعدة التواجهية التي من شأنها تمكين الخصم من الإدلاء بأوجه دفاعه حول الاختصاص، والثاني سلبي يتمثل في امتناع المحاكم من البت في أي دعوى تهم اتفاق التحكيم أو موضوع النزاع مباشرة قبل أن يقول المحكمون كلمتهم في الاختصاص.
الفقرة الثانية : الإبقاء على اختصاص القضاء العادي
إن منح الهيئة التحكيمية سلطة البت في النزاع لا يعني بالضرورة سحب البساط من القضاء كلية وقطع صلة بينه وبين التحكيم، بل لابد من الرجوع للقضاء كلما استدعت الضرورة ذلك، فالمحكمة المختصة تقدم خدمات عديدة للتحكيم سواء بالنسبة للإجراءات المسطرية أو فيما يتعلق بفعالية قرار التحكيم كتعيين المحكمين إذا تعذر ذلك من لدن الأطراف، أو الحكم على المحكمين بالجزاء الذي يقتضي القانون، وإيداع أصل الحكم التحكيمي والبت في بعض المسائل الاستعجالية وقواعد الإثبات.
فموضوع وملابسات النزاع المعروض على هيئة التحكيم أو الحكم قد يقتضي في بعض الأحيان اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير المؤقتة أو التحفظية، أو إصدار بعض الأحكام الوقتية تجنبا لحدوث أضرار بليغة قد تلحق بأحد الخصوم نتيجة الانتظار حتى صدور الحكم التحكيمي المنهي للخصومة أو التي تجعله عديم الجدوى بعد صدوره، وهو إمكانية خولها المشرع المغربي لقاضي المستعجلات وذلك من خلال الفصل -1-327 من القانون 05-08 الذي نص فيه على أنه: "لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون ويجوز التراجع عن تلك الإجراءات بالطريقة ذاتها".
وبخصوص القضاء المغربي فقد أتيحت له فرصة التعبير على هذا الموقف في القضية الشهيرة "هوليداي اين" إذ صرحت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بأن قاضي المستعجلات مختص باتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية والتحفظية.
كما يكون قضاء الموضوع مختصا أثناء نظر الحكم في النزاع حالة تقديم أحد الأطراف ورقة او سند وتم الطعن فيها بالزور، فعلى الحكم أو الهيئة - إذا كان الفصل في الزور لازما الفصل في الدعوى - أن يوقف الإجراءات حتى يصدر حكم نهائي في الموضوع.
المطلب الثاني : إجراءات المسطرة التحكيمية
تبتدئ الإجراءات المسطرية للتحكيم من حيث المبدأ بوقوع النزاع، وتنتهي بصدور القرار التحكيمي، ويقصد عامة بالإجراءات المسطرية تلك الوسائل الفنية التي حددها القانون لحماية الحق الموضوعي وفض المنازعات التي تثار بشأنه سواء عرضت أمام قضاء الدولة أو أمام قضاء التحكيم، ولعل أهم ما يجب تناوله ومعرفته أثناء الحديث عن مسطرة التحكيم في نزاعات الشغل الفردية هو القانون الواجب التطبيق وضمانات التقاضي أمام الهيئة التحكيمية (الفقرة الأولى) ثم سير الإجراءات التحكيمية وانتهاؤها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : القانون الواجب التطبيق وضمانات التقاضي أمام الحكم أو الهيئة التحكيمية
سنتناول في نقطة أولى القانون الواجب التطبيق ثم ضمانات التقاضي أمام الهيئة التحكيمية كنقطة ثانية.
باستقراء الفصلين 10-327 و 18-327 من القانون 05-08 يلاحظ أن المشرع المغربي أعطى حرية كبيرة للأطراف في تحديد الإجراءات المسطرية الواجبة التطبيق مميزا بين القانون الواجب التطبيق على الجوانب المسطرية والقانون الواجب التطبيق على جوهر موضوع النزاع.
إذا فأهم ما يميز الإجراءات المسطرية في التحكيم عن مثيلاتها في قضاء الدولة هو أساسها الاتفاقي وهذا ما يستشف من الفقرة الأولى من المادة 18-327 من القانون 05-2008 حيث جاء فيها : " تضبط الهيئة التحكيمية إجراءات مسطرة التحكيم التي تراها مناسبة مع مراعاة أحكام هذا القانون دون أن تكون ملزمة بتطبيق القواعد المتبعة لدى المحاكم ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك في اتفاق التحكيم".
وغالبا ما يقوم الأطراف بالاتفاق على هذه الإجراءات في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق لاحق بحيث تصبح الإجراءات الموجودة في هذا الاتفاق اللاحق كأنها وضعت في الاتفاق الاصلي، لكن الأطراف قد لا يتفقون أصلا أو يكون اتفاقهم غير كاف فكيف تواجه هيئة التحكيم هذا الوضع؟
ينص الفصل 42-327 في فقرته الثالثة : "... إذا لم يرد نص بشأن ذلك في اتفاق التحكيم قامت الهيئة التحكيمية عند الحاجة بتحديد القاعدة المسطرية الواجب إتباعها إما مباشرة وإما بالرجوع إلى قانون أو نظام تحكيم معين".
ويلاحظ من خلال هذا النص أن الهيئة التحكيمية تتمتع بنفس حرية الأطراف في تحديد القانون الواجب التطبيق مسطريا حالة خلو اتفاق التحكيم من أي مقتضيات بخصوص هذه المسطرة.
غير أن هذه الحرية التي تتمتع بها الهيئة في هذا المجال ترد عليها العديد من القيود منها ضرورة مراعاة النظام العام الداخلي وكذلك القواعد الأساسية المتعارف عليها في القوانين الإجرائية، منها معاملة أطراف التحكيم على قدم المساواة وتهيئ الفرصة الكاملة والمتكافئة لكل واحد منهم لعرض دعواه ودفوعاته وممارسة حقه في الدفاع، لأن هذه الحرية في الأخير تخضع لمراقبة قضائية سواء أثناء تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية أو أثناء تعرضه للطعن بالبطلان.
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاق الأطراف على قانون معين لتحكيم الجانب المسطري لا يعني بالضرورة أن نفس القانون سيحكم النزاع في الجوهر، وبالتالي فالأطراف يمكنهم اختيار قانونين مختلفين الأول خاص بالإجراءات والثاني بالموضوع، وهذا ما تنص عليه مقتضيات الفصل 18-327 من قانون 05-08-2 صراحة : " تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان، وإذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع..."
يقصد بضمانات التقاضي الواجب توفرها في نزاع تحكيمي احترام حقوق الدفاع وذلك بتهيئة فرص متكافئة وكاملة لكل خصم لعرض دعواه وتحقيق دفاعه ولا يمنح أحد الخصوم حقا دون منح الآخر نفس الحق. كما يجب على الهيئة التحكيمية عقد جلسات المرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته، غير أن لها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
كما يجب إرسال كل ما يقدمه أحد الطرفين للحكم أو الهيئة التحكيمية من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخرى إلى الطرف الآخر، وكذلك كل ما يقدم إلى الهيئة من تقارير الخبراء وغيرها من الأدلة مع منحهم أجلا لتقديم ما لديهم من ردود وملاحظات، أي أن من حق مناقشة عناصر الواقع والقانون التي تلقاها وإبداء ملاحظات بشأنها ويطبق هذا المبدأ عندما تكون القاعدة المثارة هي عرف اعتبره المحكم معادلا لقاعدة قانونية.
الفقرة الثانية : سير الإجراءات التحكيمية وانتهاؤها
سنتعرض بادئ الأمر لأهم عناصر مسطرة التحكيم كنقطة أولى ثم سير إجراءاتها وانتهائها كنقطة ثانية.
يقصد بعناصر التحكيم مكان التحكيم ولغته ثم أجل التحكيم.
لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة المغربية أو خارجها، فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكانا ملائما للتحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى ومحل إقامة الأطراف، ولا يحول ذلك دون أن تجتمع هيئة التحكيم في أي مكان تراه مناسبا للقيام بإجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الاطلاع على المستندات أو معاينة بضاعة أو إجراء مداولة بين أعضائها وغير ذلك، إذا فالأصل حسب نص الفقرة الثانية من الفصل 10-327 أن تحديد مقر التحكيم يرجع إلى اتفاق الأطراف وللأطراف كامل الحرية في تحديده داخل الوطن أو خارجه، كما يمكن للحكم اتخاذ بعض الإجراءات خارج مقر التحكيم.
وتكمن الأهمية العملية في تحديد مقر التحكيم في اعتبار مقر التحكيم مقرا لاجتماع هيئة التحكيم، وفيه يتم إجراءات التحكيم وصدور مقرر الحكم كما يتخذ هذا المكان كمعيار لأعمال آثار قانونية متعددة.
ينص الفصل 13-327 من القانون 05-08 على أن التحكيم يجري باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى ويسري حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات والوثائق والمرافعات الشخصية وكذا على كل قرار تتخذه الهيئة أو تصدره، ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار الهيئة على غير ذلك، ولهيئة التحكيم أن تقرر إرفاق كل الوثائق أو بعضها التي تقدم في الدعوى ترجمتها إلى اللغة أو اللغات المستعملة في التحكيم.
على خلاف القاضي وسلطته غير المحددة بأجل أو مهلة محددة للنظر في الدعوى وإصدار حكمه، فإن سلطة الحكم محددة ومقيدة بأجل معين لإصدار الحكم التحكيمي والمشرع المغربي وكما يتضح ذلك جليا من خلال الفصل 200-327 من قانون 05-08 لم يمنح المحكمين أي سلطة في تحديد مدة التحكيم فمهمة المحكمين تنتهي بعد مضي ستة أشهر على اليوم الذي قبل فيه آخر محكم مهمته، ومنذ هذا التاريخ أي قبول الحكم تبتدئ مدة التحكيم في السريان لأنه قبل ذلك لا يمكن قانونا مباشرة إجراءات التحكيم.
غير أنه بإمكان الأطراف تمديد الأجل أو مدة التحكيم إما صراحة أو ضمنا. ويكون هذا التمديد صراحة إذا اتفق الأطراف في اتفاق التحكيم على تمديد مدة التحكيم حالة انتهاء المدة الأصلية دون الوصول لحل، ويكون ضمنيا بصدور كل تصرف عن الأطراف ينم عن ذلك بشكل لا يدع مجالا للشك. وهذا ما يسمى بالتمديد الاتفاقي، وإلى جانب هذا التمديد هناك التمديد القضائي، أي أن الأطراف يلجأون لرئيس المحكمة في حالة عدم الاتفاق على التمديد كما يجوز للهيئة التحكيمية ذلك.
تبتدئ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يكتمل فيه تشكيل هيئة التحكيم ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، وبمجرد قبول الحكم أو آخر محكم في حالة تعددهم للمهمة المسندة إليه، يبادر المدعي إلى إرسال مذكرة مفتوحة بدعواه إلى المدعي عليه وإلى المحكم أو إلى كل واحد من المحكمين تشتمل على كافة بياناته وشرح الوقائع الدعوى وتحديد المسائل موضوع النزاع.
كما يعمد المدعى عليه خلال الموعد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى إرسال مذكرة جوابية مكتوبة بدفاعه ردا على ما جاء بمذكرة الدعوى.
وجدير بالذكر أن المشرع قد أجاز لأطراف الدعوى التحكيمية أن يعينوا أي شخص من اختيارهم يمثلهم أو يؤازرهم) مما يعني أنه فتح الباب للأطراف في اختيار من يمثلهم ولو كان من خارج هيئة الدفاع.
وترسيخا لمبدأ سلطان الإرادة الذي يقوم عليه التحكيم فللأطراف حرية واسعة في اختيار قواعد الإثبات الواجب على هيئة التحكيم إعمالها وللمحكم كامل السلطة في نطاق الاتفاق على التحكيم في استخدام كافة طرق الإثبات كالكتابة والقرائن وشهادة الشهود والخبرة، والمعاينة أو بأي إجراء آخر، كما يجوز للهيئة كذلك الاستماع إلى كل شخص إذا رأت فائدة في ذلك، وإذا كان بيد أحد الأطراف وسيلة إثبات جاز للهيئة التحكيمية أن تطلب منه الإدلاء بها.
كما ينص على ذلك الفصل 11-327 من القانون رقم 05-08. فالمشرع المغربي لم يقيد استماع الهيئة للشهود أو الأشخاص الآخرين بشكليات معينة إلا ما نصت عليه المادة 12-27 من القانون 05-08 الذي جاء فيه : .... يكون الاستماع أمام الهيئة التحكيمية بعد أداء اليمين القانونية".
وإذا كان الأصل في اتخاذ الإجراءات التحفظية أو الوقتية هو من اختصاص القضاء العادي، فإن نص الفصل 15-327 قد أجاز صراحة للحكم أو الهيئة التحكيمية اتخاذ التدابير المؤقتة والتحفظية.
وإذا كانت إجراءات التحكيم تنتهي في جميع الأحوال العادية بصدور المقرر التحكيمي فإنه في بعض الحالات تستطيع هيئة التحكيم إصدار قرارها بانتهاء الإجراءات دون الفصل في الموضوع ومن ذلك:
ما نصت عليه الفقرة التاسعة من الفصل 14-327 التي جاء فيها : "يترتب على عدم تقديم المدعي دون عذر مقبول مذكرة تفتح الدعوى داخل الأجل المحدد له أن تقرر هيئة التحكيم إنهاء إجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك".
فى النهاية آخر نقطة أنت من ستضيفها فى التعليقات، شاركنا رأيك.
تعليقات
إرسال تعليق