تعريف عقد الشغل | وماهي مصادر قانون الشغل الداخلية والخارجية؟
يعتبرعقد الشغل بمثابة إتفاق بين موظف وصاحب العمل يتم بموجبه تحديد شروط العمل، والأجر، والحقوق والواجبات المترتبة على الطرفين، وفقاً لقانون الشغل المغربي.
ويجب على عقد الشغل أن يتضمن ثمانية عناصرأساسية، تتمثل في :
- هوية الطرفين (الأجير وصاحب العمل).
- مدة العقد (مؤقت أو دائم).
- طبيعة العمل المنوط الأجير.
- مكان العمل.
- الأجر المتفق عليه.
- مدة العمل اليومية والأسبوعية والشهرية.
- الإجازات والعطلات السنوية.
- الحقوق والواجبات المترتبة على الطرفين.
ويجب أن يتم توقيع العقد من الطرفين، ويتم إيداعه في مصالح الضمان الاجتماعي، ويعد العقد جزءاً لا يتجزأ من العلاقة التي تربط بين طرفي العقد والتي ينتج عنها مجموعة من الإلتزامات المتبادلة بين الأجير والمشغل.
مقدمة :
شهد العالم تحولات اقتصادية واجتماعية حيث باتت تفرض على كل بلد أراد مجاراتها تحديث هياكله الاقتصادية الداخلية وملائمتها بشكل يضمن له مسايرة هذا الركب الاقتصادي، وفي هذا السياق، ووعيا منه بنقل المنافسة التجارية والاقتصادية انخرط المغرب منذ أوائل التسعينات في إرساء دعائم نظام اقتصادي حديث وعصري، ولتحقيق هذا الهدف كان لزاما تحديث المنظومة القانونية وتحيينها حتى تتلاءم والظرفية الدولية الخاضعة لقوانين العولمة.
بین وبعد مخاض طويل وعسير تمت المصادقة على مدونة الشغل، التي كان من أهم أهدافها إرساء دعائم سلم اجتماعي كفيل بتحقيق تنمية قارة ومستدامة توفق ثلاث معطيات أساسية :
- التزام الدولة المغربية بتحقيق الملائمة التشريعية، بين أحكام تشريع الشغل وبين الإعلانات والاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، وكذا اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
- توفير شروط دعم المقاولة وإنعاشها عن طريق سن مدونة ملائمة تمكنها من خوض غمار التنافسية والسوق المفتوح.
- إقرار الحقوق الاجتماعية للأجراء خاصة فيما يتعلق باستقرار الشغل وحماية الحريات النقابية وضمان المشاركة والتمثيلية المهنية للإجراء داخل المقاولة فضلا عن تحسين شروط وبيئة العمل.
يتوفر المغرب على مدونة للشغل طال ترقب صدورها وتعددت مبادرات ومحاولات ،إنجازها وتاتي المدونة لتشكل البعد الاجتماعي ولتؤطر العلاقات المهنية بتنظيم حديث يجمع بين إكراهات المقاولة، ومصالح كان من الضروري أن الأجراء، وذلك ضمانا لاستقرار علاقات الشغل.
الأحكام وإذا كانت الغاية قد تحققت من خلال تضمين مدونة الشغل جميع التشريعية المعمول بها فى مجال علاقات العمل، فإن صدور المدونة يمثل كذلك إصلاحا عميقا في المضمون استهدف ملاءمة المعايير المعتمدة في القانون الدولى متطلبات التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب ومحيطه العالمى خلال العقود الأخيرة، علاوة على كونها ثمرة حوار اجتماعي وتكييفها مع معمق بين الفرقاء الاجتماعيين.
وسعيا منا لإمعان النظر في مختلف أنساق ومستويات الحماية التي تشمل حقوق الأجراء في التشريع المغربي يكون من المفيد العمل على تكييفها وإسقاطها على أرض الواقع وفق المبادئ والتوجهات الدستورية الطامحة إلى بناء دولة الحق والقانون والتضامن المجتمعي، في ظل متلازمات العيش الكريم لكل الأفراد دون حيف مع منحهم شغل مناسبا وحسب مؤهلاتهم وإمكاناتهم الذهنية والجسمانية، حتى يتسنى لهم أن يشعروا بكينونتهم وإنسانيتهم كذوات فاعلة داخل النظام الاجتماعي .
ومن بين تلك الفئات نجد العاملات والعمال المنزليين، بالرغم من تنبأ المشرع المغربي في المادة 04 من مدونة الشغل بصدور نص الاجتماعية، إلا أن هذا القانون لم يكتب له الخروج إلا في السنوات الأخيرة، حيث صدر القانون 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات تنظيمي ينظم عمل هذه الفئة والعمال المنزليين الذي اعتبر بمثابة مكسب كبير وضمانة فعالة في مواجهة التعسفات التي يلاقيها ممتهنوا العمل المنزلي في منازل مشغليهم.
إن المطلع على مقتضيات مدونة الشغل يلمس فيها روح ملائمة المقتضيات الدستورية ومقتضيات التشريعات الدولية، وأنها شملت ترسانة من القواعد القانونية الهادفة إلى تحقيق استقرار العلاقات الاجتماعية عبر ضمان استقرار علاقات الشغل غير أن التمعن في دراسة بعض مقتضياتها ومقارنتها، والتحديثات الملقاة على عاتق المعنيين بها يمكن من أن يخرج منها بوجهة نظر مختلفة.
المبحث الأول : مفهوم عقد الشغل ومصادره
سنخصص هذا المبحث للحديث عن المفهوم العام لقانون الشغل (المطلب الأول) ثم سنتطرق في (المطلب الثاني) لتعريف قانون الشغل.
المطلب الأول : المفهوم العام لقانون الشغل
يعرف القانون عادة بأنه مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات بين الأشخاص الذين يعيشون في مجتمع، ويضاف إلى اسم قانون صفة تبين نوع هذا القانون كما الشأن بالنسبة للقانون التجاري.
فنحن حينما نقول القانون التجاري فإننا نعني به مجموعة من القواعد التي تنظم المجال التجاري وهذا ما يسري على مجال الشغل، فقولنا قانون الشغل يعني مجموعة من القواعد التي تنظم علاقات الشغل بنوعيها الفردية والجماعية.
ولقد أطلق على هذا الفرع من فروع القانون عدة تسميات، إلا أنه تم تجاوزها لعدم دقتها، وغموضها وهكذا أطلق الفقهاء عليه في البداية اصطلاح التشريع الصناعي إلا أن هذه التسمية ما لبثت أن أظهرت عن عجزها عن ترجمة حقيقة هذه العلاقات لأنه يفهم منها أنها تعالج مواضيع تتعلق بالمجال الصناعي المحض كالإنتاج والمنافسة،.
ليتم الانتقال إلى تسمية أخرى أطلق عليها "القانون العمالي" ونظرا لمحدوديتها وعدم دقتها المتعلقة بفئة العمال كونها توحي بأن هذا القانون لا يعالج إلا المواضيع أنه يتجاوز ذلك إلى أرباب العمل وإلى كل عامل تابع سواء كان في حين عاملا أو مهنيا أو طبيا ما دام أنه يؤدي عملا تابعا كما أنه قد يتبادر إلى ذهن المباحث حول جوانب هذا الموضوع أن الأمر يتعلق أيضا بتنظيم حياة العامل الخاصة.
وأمام عدم دقة هذه التسمية أيضا تم اقتراح تسمية أخرى من جانب الفقه أطلق عليها «تشريع العمل» ليتم تجاوزها أيضا لاقتصارها على جانب واحد وهو التشريع أن لهذه القواعد مصادر أخرى غير التشريع كالاتفاقيات الجماعية والدولية في حين لذلك تم إطلاق تسمية أخرى أجمع الفقه على ملائمتها لهذا النوع من فروع القانون قانون العمل او الشغل droits du travail وهو الذي تبنته منظمة العمل العربية والدولية.
المطلب الثاني : تعريف قانون الشغل
استقر الفقه والقضاء على تقسيم العمل الذي يمارسه الفرد على نوعين: عمل حر وعمل تابع.
- فالعمل الحر هو الذي يباشره الطرف الملتزم به دون الخضوع لأية رقابة أو إشراف ممن يؤدي لحسابه ، أما العمل التابع فيكون الملتزم به خاضعا لتوجيه ورقابة صاحب العمل الذي يملك سلطة توقيع الجزاء إذا اقتضى الحال .
- وانطلاقا من التحديد السالف ذكره، يمكن القول أن "قانون الشغل" هو مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم الرابطة العقدية الخاصة والمتعلقة بالعمل الذي يقوم به أشخاص مقابل أجر لحساب أشخاص آخرين وتحت توجيههم ورقابتهم.
المبحث الثاني : مصادر قانون الشغل
تتعدد مصادر قانون الشغل إلى مصادر داخلية وأخرى خارجية.
المطلب الأول : المصادر الداخلية لقانون الشغل
المصادر الداخلية لقانون الشغل هي مبدئيا نفس مصادر القانون الأخرى أي المصادر العامة للقاعدة القانونية وهي التشريع العرف والاجتهاد القضائي، ولكنه في نطاق علاقات الشغل تضاف إلى هذه المصادر مصادر أخرى خاصة بقانون الشغل تسمى المصادرة المهنية.
الفقرة الأولى : المصادر الداخلية العامة لقانون الشغل
تتمثل هذه المصادر في التشريع والعرف والقضاء.
أولا : التشريع كمصدر من مصادر قانون الشغل
التشريع هو تلك القواعد القانون المكتوبة الصادرة عن سلطات مختصة بذلك ثلاثة أنواع : القواعد الدستورية والتشريع العادي ثم التشريع الفرعي.
أ- الدستور:
تضمنت الدساتير المغربية المتعاقبة مجموعة من القواعد ذات الطابع الاجتماعي مثل حق الشغل والحرية النقابية وحق الإضراب وفي ذلك تأكيد من المشرع على سموها وقوتها وعلى منع المساس بها .
ب- التشريع العادي :
يقصد به مجموعة القواعد الملتزمة التي يضعها مجلس النواب في حدود اختصاصاته التي خولها له الدستور وتجدر الملاحظة إلى الحجم الكبير الذي تمثله الظهائر الملكية في هذا الصدد والسبب راجع إلى عدم دخول المغرب إلى المرحلة الدستورية إلا في سنة (1962م) .
لكن بعد صدور مدونة الشغل بتاريخ 23 يونيو أصبح التشريع العادي يمثل المصدر الاساسي لعلاقات الشغل، هذا بالإضافة إلى قواعد قانونية أخرى نظمت هذه العلاقات مثل قانون الإلتزامات والعقود، وقانون المسطرة المدنية، والقانون الاجتماعي وأيضا مدونة التجارة في بعض الأحكام الخاصة بصعوبات المقاولة.
ج- التشريع الفرعي :
وزارية تضمن حسن يترك المشرع للسلطة التنفيذية مهمة تكملة عمله بإصدار مراسم وقرارات تنفيذ وتطبيق التشريع العادي هذا بالإشارة إلى أن مجال الشغل ينطوي على أحكام ذات طابع فني يتم فيه معالجة مواضيع طبية وصناعية وسياسية، والتي يكون من الصعب تنظيمها بمقتضى تشريعات عادية.
مما يبرز أهمية تدخل السلطة التنفيذية من خلال اتخاذ قرارات تتلائم مع الظروف الخاصة بكل حالة على حدة.
ثانيا : العرف كمصدر من مصادر قانون الشغل
العرف هو مجموعة القواعد غير المكتوبة التي تنشأ في الأوساط المهنية إذ يعتاد الأجراء والمشغلين على إتباعها بانتظام حتى يسود الاعتقاد باعتبارها مبرمة.
وقد لعبت دورا كبيرا في تنظيم علاقات الشغل غير ان هذا الدور ما لبث أن تراجع أمام ازدياد دور المشرع في علاقات الشغل وكذلك دور النظام الداخلي والاتفاقيات الجماعية التي باتت تحيط بكل تفاصيل علاقات الشغل.
ثالثا : الاجتهاد القضائي كمصدر من مصادر قانون الشغل
يعد العمل القضائي مصدرا تفسيريا للقاعدة القانونية أثناء غموضها، ذلك أن التشريع باعتباره المصدر الرئيسي للقانون لا يكون كاملا ومتضمنا الحل لكل نزاع يعرض أمام القضاء مما يفسح المجال له للتفسير في بعض الحالات مما ينتج خلق قواعد شفهية يتعين احترامها من طرف محاكم الموضوع لا سيما إذا عن صدرت محكمة النقض.
ومن أهم الاجتهادات في الموضوع تحديد طبيعة الطرد الذي يتعرض له الأجير هل هو طرد تعسفي أم إنهاء مشروع، وكذلك طبيعة الحادثة التي يتعرض لها الأجير، هل هي حادثة شغل أن حادثة طريق.
الفقرة الثانية : المصادر الداخلية الخاصة بقانون الشغل
إن قانون الشغل لا يعتمد على المصادر العامة فقط وإنما هناك مصادر خاصة به والتي تولد إما عن طريق العرف أو من طرف أطراف هذه العلاقة ونخص بالذكر:
- الاتفاقيات الجماعية ثم الأنظمة الداخلية للمؤسسات.
أولا : الاتفاقيات الجماعية
تأتي الاتفاقيات الجماعية نتيجة اتفاق إرادي بين مؤاجر أو عدة مؤاجرين من جهة وممثلين عن جماعة الأجراء من جهة أخرى، وتعد مصدرا مهما من مصادر قانون الشغل وتعد بمثابة دستور ينظم عقود الشغل الفردية في إطاره كما أن تطبيقها قد يتعدى إقليم معين ليشمل التراب الوطني بكامله. كما تتجلى هذه الأهمية من خلال سموها على قواعد قانون الشغل ما دامت لا تتعارض مع النصوص القانونية الآمرة ولا تخالف الآداب والنظام العام.
ثانيا : النظام الداخلي
يفرض المشرع على صاحب المؤسسة أو المقاولة التي تسري عليها أحكام مدونة الشغل بوضع نظام داخلي وذلك وفق الشروط والإجراءات المبنية في الأجراء والممثلين المادة 138 قانون الشغل والتي تؤكد عند الضرورة اطلاع مندوبي النقابيين بالمقاولة وعلى توجيهه للسلطة الحكومية المكلفة بالشغل من أجل الموافقة عله.
المطلب الثاني : المصادر الدولية لقانون الشغل
تنقسم المصادر الدولية لقانون الشغل إلى قسمين : الاتفاقيات الدولية الثنائية والاتفاقيات الدولية المفتوحة.
الفقرة الأولى : اتفاقيات العمل الثنائية
اتفاقيات العمل الثنائية هي تلك الاتفاقيات التي تبرم بين دولتين قصد تنظيم أحوال العمال من رعايا هاتين الدولتين على أراضي الدولة الأخرى، وهي ملزمة ذلك معاهدات الشغل التي أبرمتها فرنسا والرامية إلى منح الأجراء المهاجرين إمكانية التمتع بنفس مكاسب الأجراء الفرنسيين وكذلك الشأن بالنسبة للمعاهدات التي أبرمها المشرع المغربي مع دول أجنبية قصد تحسين وضعية المغاربة المهاجرين.
سواء تعلق الأمر بالمعاهدة المبرمة مع الجمهورية الاتحادية الألمانية بتاريخ 21 مايو 1963م، والمعاهدة المبرمة مع فرنسا بتاريخ 31 مايو 1963م.
الفقرة الثانية : اتفاقيات العمل المتعددة الأطراف
يقصد بها الاتفاقيات المبرمة بين اكثر من طرفين مع إعطاء الفرصة لدول أخرى الانضمام إليها ولو بدون موافقة الاطراف الأصلية، أو تلك التى انضمت إليها بـإبرامها
وإذا كان تاريخ اتفاقيات العمل الدولية المفتوحة يرجع إلى سنتي 1905م و1906م حيث تم عقد الاتفاقيات الدولية الأولى المفتوحة فإن أهميتها كأداة لتدويل قواعد الشغل لم تظهر إلا مع نهاية الحرب العالمية الأولى، وتأسيس منظمة العمل الدولية التي عملت على إصدار مجموعة من الاتفاقيات والتوصيات في مجال تشغيل النساء والأطفال وغيرها من المواضيع الحمائية في مجال الشغل.
الفقرة الثالثة : الإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان
لا يمكن الحديث عن المصادر الدولية لقانون الشغل دون إغفال دور الإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.
فبالرجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م وميثاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية سنة 1966م والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وغيرها...
يلاحظ أنها تضمنت جلها التأكيد على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للطبقة العاملة، مثل حق الإضراب الحق في الضمان الاجتماعي.
ذلك ما جعل الدول تعتمد في تشريعاتها على هذه الإعلانات والمواثيق، ولعل ما جاء في ديباجة مدونة الشغل خير مثال على ذلك، إذ أشارت هذه الأخيرة إلى أن الحقوق التي تصونها وتحفظها هي نفسها الواردة في اتفاقيات العمل الدولية من جهة والتي تتضمن :
- الحرية النقابية والإقرار الفعلي لحق التنظيم والمفاوضات الجماعية.
- منع كل أشكال العمل الإجباري.
- القضاء الفعلي على تشغيل الأطفال.
- منع التمييز في مجال التشغيل والمهن.
- المساواة في الأجر.
تعليقات
إرسال تعليق