وما الفرق بين الضريبة | والرسوم | والإتاوة؟
ما هو تعريف الضريبة أنواعها؟ وما الفرق بين الضريبة | والرسوم | والإتاوة؟
تعد الضريبة أحد الأعمدة الحيوية في أي دولة، وتلعب دورًا مهمًا في تمويل المشاريع الحكومية وتنمية الاقتصاد والمحافظة على الخدمات الأساسية للمواطنين. ويتضمن القانون الضريبي المغربي مجموعة واسعة من الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة المغربية على المواطنين والشركات ذاخل التراب الوطني.
يهدف القانون الضريبي المغربي إلى تحديد الإجراءات والتدابير اللازمة لتطبيق الضرائب بشكل فعال وعادل، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتفعيل دور الدولة في تمويل المشاريع العامة والتنمية الاقتصادية.
وتغطي الضرائب التي يفرضها القانون الضريبي المغربي مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك الضرائب على الدخل والضرائب على المبيعات، والضرائب المفروضة على الممتلكات والأراضي، والرسوم الجمركية والضرائب الأخرى ذات الصلة. ويتضمن القانون الضريبي المغربي مجموعة من الإجراءات الإدارية والقانونية المتعلقة بالتقرير الضريبي والتصريحات الضريبية والتحقق من الالتزام بالضرائب والإجراءات الخاصة بالتحصيل والتفتيش.
إن فهم القانون الضريبي المغربي يعد أمرًا حيويًا لجميع الأفراد والشركات العاملة فوق المجال الترابي المغربي، ويتطلب دراسة دقيقة ومتابعة مستمرة للتغييرات التي قد تحدث على هذا القانون.
مفهوم الضريبة الضرائـــب وتجلياتها :
الضريبة هي عبارة عن مبالغ مالية تتقاضاها الدولة من الأشخاص والشركات الخاصة فهي بمثابة مصدر هام لتمويل النفقات الحكومية، وتشمل العديد من الضرائب المختلفة وتعتبر في نظر الحكومة، أداة هامة لتحقيق التوازن المالي في البلاد.
وتنص القوانين الضريبية في المغرب على أن الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين مطالبين بدفع الضرائب على دخلهم وأرباحهم وأنشطتهم التجارية والمهنية. وتشمل الضرائب المطبقة في المغرب الضريبة الدخل والمبيعات والرسوم الجمركية والجبائية والعقارية وغيرها.
فمن وجهة نظر اقتصادية، تقوم الدولة أساسا لإشباع الحاجات العامة، وكثير من هذه الحاجات العامة تتميز بعدم إمكانية خضوعها لمبدأ الاستبعاد، بمعنى إشباع هذه الحاجات العامة يكون عن طريق قيام الدولة بخدمات تؤدى للمجتمع ككل، ولا يؤدي استهلاك أحد الأفراد منها إلى انتقاص استهلاك الآخرين، ويتعذر تقديمها في وحدات مجزأة وتحديد مدى انتفاع الأفراد بها ومطالبتهم بأجر مقابل هذا الانتفاع. وبالتالي فإنه يتعذر استبعاد أحد أفراد المجتمع من الاستفادة منها سواء ساهم في تمويلها أم لم يساهم وتعتبر خدمات الدفاع والأمن الداخلي خير مثال لذلك.
ومثل هذه الخدمات العامة البد لتمويلها من وسيلة تتماشى مع طبيعتها بمعنى ألا ترتبط فيها درجة المساهمة مع درجة الانتفاع الفردي من الخدمة، وأن تكون إجبارية حيث لو تركت المساهمة في تمويل هذا النوع من الخدمات العامة اختياريا لما ساهم في تمويله أحد. ولما كانت الضريبة فريضة إلزامية يلتزم الممول بأدائها إلى الدولة بغض النظر ع ن المنافع التي تعود عليه من وراء الخدمات التي تقوم بها السلطات العامة. فمن الواضح إذن أن خير مصدر لتمويل هذا النوع من الخدمات العامة هو الضرائب.
و لا يخفى أن دور الضريبة قد اقتصر في أول الأمر على تمويل هذا النوع من الخدمات العامة. إلا أن تطور وظائف الدولة وتطور نظرية المالية العامة التي ساهمت في اتساع مجال الضريبة وتنوع أساليبها وتعدد استخداماتها لتحقق إلى جانب وظيفتها التمويلية أهدافا أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية.
ولقد أدى اكتشاف هذه الطاقات الكامنة في استخدام السياسة الضريبية إلى زيادة اهتمام علماء المالية العامة بالضرائب لتحديد خصائصها ووضع القواعد والأصول العلمية التي ينبغي توافرها في الضريبة واستخلاص طرق لقياس أعبائها وأسس للتوزيع ونظريات لنقل العبء، وتحليل آثارها الاقتصادية.
الرســـوم الضريبة :
إلى جانب قيام الدولة بالخدمات العامة التي لا تخضع لمبدأ الاستبعاد والتي لا سبيل إلى تمويل نفقاتها إلا عن طريق الضرائب، تقوم الدولة بتوفير بعض الخدمات التي يمكن تقسيمها إلى وحدات مختلفة والتي يعود من أدائها نفع عام غالب للمجتمع ككل وفي نفس الوقت نفع خاص مباشر على بعض أفراد المجتمع الذين يمكن تحديدهم وتقدير قيمة المنفعة الخاصة التي عادت على كل منهم من جراء هذه الخدمة، ومن أمثلة ذلك خدمات الشهر العقاري والتراخيص بمزاولة بعض المهن والأعمال وخدمات القضاء و التعليم ... إلخ.
ففي إجراءات تسجيل الملكية مثال هناك خدمات محددة تقدمها الدولة لأفراد معينين تصون لهم بها حقوق الملكية. غير أن هذه الخدمة الخاصة تحتوي أيضا على منفعة عامة أهم، هي تأمين المعاملات المدنية.
وفي إجراءات الترخيص لمزاولة بعض المهن والأعمال هناك خدمة تعود على المنتفع بالترخيص، وإلى جانب ذلك خدمة عامة يراد منها تقديم حماية وضمان للمجتمع ككل. وخدمات القضاء والتعليم علاوة على ما يؤديانه للمجتمع من نفع عام كبير ينطويان على نفع خاص يعود على المتقاضين والمتعلمين وهكذا، ومن الواضح في جميع هذه الحالات أن المنفعة العامة تفوق المنفعة الخاصة.
وما يميز الرسم عن الضريبة هو أن هذه الأخيرة يدفعها من الأشخاص جبرا بغض النظر عن المنافع التي تعود عليه أما الرسم فأساس تحصيله هو المنفعة الخاصة التي تعود على دافعه من خدمة معينة تؤديها الدولة.
ولا يمكن إعتبار قيمة المنفعة هي المحدد الرئيسي لقيمة الرسم. حقا أن لهذه الخدمات العامة كما رأينا منافع خاصة يمكن تحديد المستفيد بها وتقسيمها إلى وحدات منفصلة واستبعاد من لا يدفع رسومها المحددة عن الاستفادة المباشرة من منفعتها الخاصة، ومن ذلك فهذه المنافع الخاصة يصعب في كثير من الأحيان قياسها كميا وتقويمها ماليا.
فكيف نقيم المنافع الخاصة التي تعود على كل طالب من وراء إتمامه لمرحلة من مراحل التعليم؟ وكيف نقيم المنافع الخاصة التي تعود على كل رجل أعمال من جراء منحة ترخيص لمزاولة مهنة ما؟... إلخ.
ولو افترضنا مجازا إمكانية تقدير قيمة المنافع الخاصة التي تعود على كل طالب من وراء حصوله على التعليم الجامعي مثال، فهل يمكن مطالبة الطالب الجامعي بتأدية مبلغا ماليا كرسم للتعليم الجامعي؟
من الواضح إذن أن قيمة المنفعة الخاصة ال تصلح أساس لتحديد قيمة الرسم. وإن كان الأصل في الرسم أن يتناسب مع تكاليف الخدمة المفروض عليها، إال أنه يجب ألا يغيب عن الأذهان أن هناك فارق كبير بين أن يتناسب الرسم مع تكاليف الخدمة وبين أن تتخذ تكاليف إنتاج الخدمة قيمة لتحديد الرسم.
فقد تبلغ تكاليف إنتاج بعض هذه الخدمات من الضخامة جدا يصعب معه مطالبة المنتفعين المباشرين بها بتغطية التكاليف، ونفقات التعليم والصحة أصدق مثال على ذلك. وقد تكون تكاليف إنتاج بعض الخدمات الأخرى مثل إصدار بعض أنواع الرخص، من الضالة لدرجة ال يجوز معها الاكتفاء بفرض الرسم على أساسها خاصة وأن الصالح العام قد ال يقتضي التوسع في إصدار هذه الرخص.
و من هنا تتضح ضرورة تحديد قيمة الرسم على أساس من نسبة المنفعة العامة إلى المنفعة الخاصة في الخدمة. فنجد في الحالة الأولى (التعليم) أن حصيلة الرسم سوف تنقص كثيرا عن تكاليف إنتاج الخدمة وتقوم الدولة بتغطية العجز من حصيلة الضرائب.
وكلما زادت المنفعة العامة للخدمة على المنفعة الخاصة كلما كانت رسوم الخدمة منخفضة وبالتالي كان العجز الذي تغطيه الدولة من حصيلة الضرائب كبيرا.
أما في الحالة الثانية (إصدار بعض أنواع الرخص) فإننا سنجد أن حصيلة الرسوم تزيد عن تكاليف إنتاج الخدمة وتكون الزيادة في هذه الحالة ليست رسما وإنما بمثابة ضريبة خاصة على المنتفعين بهذه الخدمة.
ولا يعني ذلك أن معيار التفرقة بين الرسم وغيره من موارد الدولة هو تناسبه مع تكاليف الإنتاج. فقد تقوم الدولة بإنتاج بعض السلع مثل (الكبريت) وبيعها بسعر التكلفة أو أقل ومع ذلك يعد ذلك رسما، إلا أن أساس الرسم هو مقابل لخدمة تؤديها الدولة وتعود بنفع خاص على بعض الأفراد ولكن نفعها العام للمجتمع يفوق ذلك النفع الخاص.
الإتاوة في القانون الضريبي :
تقوم الدولة بتنفيذ الكثير من الأعمال ذات النفع العام مثل إنجاز السدود وتشييد القناطر والطرق وتقسيم المدن وإنشاء الشوارع... ويترتب على تنفيذ هذه المشروعات نفع عام يعود على جميع أفراد المجتمع وإلى جانب ذلك نفع خاص يعود على فريق معين من أفراد المجتمع. فإذا ما قامت الدولة بإنشاء شارع جديد أو توصيل المياه والمجاري والكهرباء إلى ضاحية حديثة أو مد خطوط النقل الحضري إلى ضاحية غير مستغلة فسيؤدي ذلك حتما إلى نفع عام يتمثل في تعمير هذه المناطق وتحسين أحوال الصحة والأمن بها.
ولكن هذه الأعمال العامة من شأنها أن تضفي على الأراضي الواقعة في هذه المنطقة قيمة لم تكن تتمتع بها من قبل. فإذا ما أراد مالك الأراضي أو العقارات المبنية في هذه الضاحية بيعها فال شك أنهم سيحصلون على أسعار مرتفعة لممتلكاتهم نتيجة لهذه التحسينات التي أضيفت إلى المنطقة.
فإذا إعتبرنا الأعمال العامة التي قامت الدولة بتنفيذها هي السبب المباشر لهذه الزيادة الرأسمالية في قيمة العقارات، فمن الطبيعي أن تحصل الدولة على مقابل لهذه المنافع التي أدتها لطبقة المالك العقاريين، وهذا المقابل هو ما يسميه علماء المالية العامة "إتاوة" أو "مقابل التحسين".
فالإتاوة إذن هي مبلغ المال الذي تحدده الدولة ويدفعه بعض أفراد كطبقة ملاك العقارات نظير عمل عام قصد به المصلحة العامة فعاد عليهم علاوة على ذلك بمنفعة خاصة تتمثل في ارتفاع القيمة الرأسمالية لعقاراتهم. ولتفادي الخلط بين الرسم والإتاوة سنقف على مجموعة من النقط تكشف الكثير من الاختلافات بين الرسم والإتاوة تجمل أهمها
فيما يلي:
- أن الرسم يدفع نظير خدمة عامة في حين أن الإتاوة تدفع نظير عمل عام.
- أن الرسوم تفرض على أي شخص في المجتمع وأما الإتاوة تفرض على ملاك العقارات فقط في ومتى طلب الانتفاع بالخدمة المرسومة.
- ففي كل مرة ينتفع الشخص بالخدمة العامة فهو ملزم بدفع الرسم بصفة دورية الرسم يدفع بصفة دورية ومتكررة في حين أن الإتاوة تفرض مرة واحدة، والا يعني ذلك ضرورة تحصيل الإتاوة مرة واحدة، فقد ترى الدولة تحصيل الإتاوة على إقساط تخفيفا من وقعه.
- إن درجة الإكراه في حالة الإتاوة تفوق حالة الرسم، فالفرد لا يقوم بأي إجراء من جانبه حتى تستحق عليه الإتاوة، في حين أنه في حالة الرسم البد وأن يطلب الخدمة باختياره، فإذا لم يطلب الخدمة وامتنع عن الانتفاع بها استطاع أن يتجنب دفع الرسم في حين أنه في حالة الإتاوة ال يخير الفرد قبل القيام بتنفيذ الأعمال العامة وال يستطيع تجنب الانتفاع بها وبالتالي ال يستطيع أن يتجنب دفع الإتاوة.
وعلى مستوى آخر يبدو احتمال الخلط بين الضريبة والإتاوة على اعتبار أن كال منهما فريضة إلزامية يدفعها المكلف جبرا، إلا أن أوجه التفرقة بين الضريبة والإتاوة واضحة كل الوضوح، فأساس فرض الإتاوة هو مقدار المنفعة الخاصة التي عادت على دافعها والتي يمكن تحديدها وتقديرها، أما أساس فرض الضرائب فهو المشاركة في الأعباء العامة حتى ولو لم يعد على دافعها أي منافع خاصة.
وقد يثير البعض السؤال الآتي:
لو أننا سلمنا بأن الحد الأقصى للإتاوة ال يجب أن يزيد على قيمة المنفعة الخاصة التي عادة على مالك العقار، فكيف يتم تمويل تلك الأعمال ذات النفع العام إذا ما زادت تكاليف إنشائها عن مجموع الزيادات في القيمة الرأسمالية للعقارات المستفيدة من المشروع؟
وللإجابة على هذا السؤال يتطلب الأمر حصر فئات المنتفعين بهذه الأعمال فإذا ما قامت الدولة بشق طريق أو إنشاء منشأة مائية (سد) فلا جدال في أن العقارات الواقعة على جانبي الطريق الجديد أو المجاورة للمنشأة المائية الجديدة، تنتفع من تنفيذ هذا المشروع.
ولكنه الا يجب أن يغيب عن الأذهان أن مالك العقارات يشاركهم في هذا الانتفاع أصحاب السيارات والمارة الذين يستخدمون هذا الطريق الجديد. لذلك فإن المنطق يقتضي أن يشارك كل منتفع في تحمل تكاليف الإنشاء والصيانة. فيفرض على مالك العقارات إتاوة، ويفرض على أصحاب السيارات رسم عبور ثم يغطي الجزء الباقي من تكاليف الإنشاء والصيانة من حصيلة الضرائب.
تعليقات
إرسال تعليق