الإلتزامات القانونية المفروضة على المشغل
إن إلتزامات المشغل هي مجموعة من الإتزامات الناتجة عن قانون الشغل بصفة عامة وبمقتضى قوانين خاصة، وبطبيعة الحال هي كثيرة جدا لذا سنقتصر على ذكر أهمها من خلال التمييز بين الالتزامات الخاصة بتسيير المؤسسة في (المطلب الأول) ثم الالتزامات المتعلقة بحقوق الاجراء في (المطلب الثاني).
المطلب الأول : إلتزامات خاصة بتسيير المؤسسة
المشغل يلتزم بجملة من الالتزامات القانونية التي تهدف الى تسيير المؤسسة بطريقة منظمة وميسرة نذكر أهمها عبر فقرتين :
الفقرة الأولى : وضع النظام الداخلي للمؤسسة
يعتبر عدد الأجراء المشتغلين داخل المؤسسة هو المؤشر المعتمد في اعمال القواعد الخاصة بوضع النظام الداخلي للمؤسسات، بحيث نكون أمام حالتين، تتعلق الأولى بالمؤسسات التي تشغل اقل من عشرة بحيث يخضع أجراء للنظام الداخلي النموذجي الموضوع من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل.
في حين تتعلق الحالة الثانية بالأجراء العاملين في المؤسسات التي تشغل ما لا يقل عن عشرة اجراء بصورة اعتيادية داخل السنتين الموالتين لفتح المؤسسة، والذي يضعه المشغل وفق للمسطرة المحددة قانونا.
وبالتالي ففي الحالة الأولى فان السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل تقوم بتحديد نموذج النظام الداخلي للمؤسسة، فبعد الاستشارة مع المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا والمنظمات المهنية للمشغلين، والذي يجب ان تتضمن البيانات التالية :
- احكاما عامة تتعلق بتشغيل الاجراء ونظام الفصل والعطل والتغيبات.
- احكاما خاصة تتعلق بتنظيم الشغل، وبالعقوبات التأديبية، وبالمحافظة على الصحة الاجراء وسلامتهم.
- احكاما عامة تتعلق بتنظيم إعادة التأهيل عند حدوث الإعاقة الناتجة عند حادث الشغل أو مرض مهني.
وقد تم وضع هذا النظام النموذجي من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل وذلك بموجب قرار لوزير التشغيل والتكوين المهني رقم 2710.12 الصادر في 11 رمضان 1433 (31 يوليو 2012).
وفي الحالة الثانية، فان المشغل هو من يلتزم بوضع نظام داخلي في المؤسسات التي تُشغل مالا يقل عن عشرة أجراء بصورة اعتيادية داخل السنتين المواليتين لفتح المؤسسة، مع الإشارة الى أنه يجب ان يضمنه وجوبا الشروط والمكان، والأيام والساعات التي يستقبل فيها كل أجير على حدة.
بطلب منه، اما بمفرده أو برفقة أحد مندوبي الاجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة عند وجوده، على الا تقل أيام الاستقبال عن يوم واحد في كل شهر، وبعد تهيئ مسودته من طرف المشغل يقوم باطلاع مندوب الاجراء والممثلين النقابيين بالمؤسسة عند وجودهم عليه، ثم يوجه المشغل الى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل من اجل الموافقة عليه.
مما يفيد أن هذه الأخيرة تبسط رقابتها على النظام الداخلي لتنظر في ملائمته مع قانون الشغل، وبالتالي عند مخالفة النظام لقانون الشغل ترفض السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل الموافقة عليه، مما يوجب على المشغل تعديل المقتضيات المخالفة للطبيعة الآمرة لقوانين الشغل، علما ان احاطة هذا النظام بنفس المسطرة الحمائية جعل المشغل يخضع كل تعديل له نفس المسطرة المستوجبة بمناسبة وضعه طبقا لما جاء في المادة 138 من مدونة الشغل.
إذن القاعدة أن النظام الداخلي هو القانون المؤطر للعمل داخل المؤسسة، ولذلك أوجب القانون علم كافة الاجراء بمضمون النظام الداخلي ليواجهوا بأحكامه، أنه يجب على المشغل أن يحيط الاجراء علما بهذا النظام وتعليقه في كل أماكن العمل وكذا في أماكن أداء الأجور بل أكثر من ذلك انه إذا طلب أحد الاجراء نسخة منه فانه يجب ان تسلم له.
وهذه المقتضيات تحظى بحماية زجرية تقرر غرامة تتراوح بين 2000 و5000 درهم في حق كل مشغل لم يحترم المقتضيات المنصوص عليها قانونا وبذلك عند إتيان أحد السلوكيات التالية :
- عدم وضع نظام داخلي الاجر المقرر في المادة 138.
- عدم اطلاع الاجراء على النظام الداخلي، او عدم الصاقه على نحو لا يطابق ما قررته المادة 140.
- عدم تحديد المشغل يوما لاستقبال كل أجير من اجرائه، وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 141، أو تحديده يوما لا يأتي دور الاجير فيه الا بعد مدة تزيد على المدة المحددة في تلك المادة.
الفقرة الثانية : تقديم تصريح الى مفتش الشغل
انطلاقا من مقتضيات المادة 135 من مدونة الشغل، يجب على كل شخص أو اعتباري يخضع لمقتضيات قانون الشغل، ويريد فتح مقاولة او مؤسسة، يشتغل فيها اجراء ان يقدم تصريحا بذلك الى العون المكلف بتفتيش الشغل وذلك وفق الشروط والشكليات المحددة بنص تنظيمي.
ويجب احترام نفس المقتضيات، وذلك بتقديم تصريح مماثل للتصريح للمذكور، اذا ارادت المقاولة تشغيل اجراء جدد او معاقين او اذا غيرت نشاطها او انتقلت من مكان الى اخر.
وكذلك اذا كانت المقاولة تشغل اجراء بمعاملها ثم عهدت بأشغالها كلها او بعضها الى اجراء يشتغلون بمنازلهم او إلى مقاول من الباطن، او اذا كان المقاولة تشغل اجراء عن طريق مقاولة التشغيل المؤقت (المادة 136).
ويعاقب المشغل الذي لم يحترم هذه المقتضيات بغرامة من 2000 الى 5000 درهم طبقا لما نصت عليه المادة 137 من مدونة الشغل.
المطلب الثاني : إلتزامات متعلقة بحقوق الاجراء
إن الإلتزامات المفروضة على المشغل في مواجهة الاجراء متعددة، وسنقتصر من خلال هذه النقطة على التطرق الى بعض منها.
الفقرة الأولى : إحترام الحقوق والحريات النقابية
استنادا الى مقتضيات المادة 9 من م. ش. فانه يحق للأجير الانتماء الى المنظمات النقابية بكل حرية وبدون ان يمارس عليه المشغل أي ضغط او حجر او مانع او توجيه، فلا يحق لهذا الأخير ان يمنع الاجراء من تأسيس نقابة للدفاع عن حقوقهم، كما لا يحق للنقابة ان تمارس أي ضغط على الاجراء غير النقابيين.
وعليه فإن مارس الاجير حقه في الانتماء النقابي فانه يكون قد اتى سلوكا غير مخالف للالتزامات المحددة بمقتضى قانون الشغل، ومن تم فانه لا يحق للمشغل طرد الاجير بسبب انتمائه النقابي ولا تخفيض اجره او حرمانه من بعض الامتيازات او المكافآت نتيجة ذلك، فان فعل كان سلوكه غير مشروع وهو ما يعطي للأجير حق المطالبة بالتعويض.
ولحماية هذا الحق نصت المادة 12 من مدونة الشغل على معاقبة المشغل الذي يحرم الاجير من هذه الحقوق بغرامة تتراوح بين 1500 و30000 درهم، وفي حالة العود تضاعف الغرامة المذكورة.
بالإضافة الى الحماية التي وفرها المشرع المغربي للحرية النقابية، فقد منع تسخير الاجراء للأداء الشغل جبرا او قهرا، حيث نصت المادة 10 من مدونة الشغل ما يلي : " يمنع تشغيل الاجراء لأداء الشغل جبرا او قهرا " وبهذا الخيار التشريعي يكون موقف المشرع المغربي منسجما ومتينا لمعايير العمل الدولية.
الفقرة الثانية : الإلتزام بحفظ حقوق الاجراء
أولا: الالتزام بحفظ صحة الاجراء وسلامتهم المدنية :
من أهم الالتزامات المفروضة على المشغل الالتزام بحفظ صحة وسلامة الاجراء وقد خصصت مدونة الشغل المواد من 282 إلى 301 لبيان مضمون وجزاءات الاخلال بذلك.
ونستنتج من خلال قراءة المواد المذكورة ان المشرع المغربي يتوافق في توجيهاته الكبرى مع التوجيهات المستقر عليها في اتفاقيات الشغل الدولية والعربية، حيث الزم المشغل باتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية اجرائه من الاضرار التي قد تلحق بصحتهم، وكذلك الاضرار التي تسببها الوسائل المستعملة في الإنتاج.
ومن جملة الالتزامات الملقاة على عائق المشغل، نجد السهر على نظافة أماكن الشغل وتوفير منظمات السلامة اللازمة فيها، وخاصة فيما يتعلق بأجهزة الوقاية من الحرائق والتدفئة والتهوية...
وكذلك يمنع على المشغل السماح لأجرائه باستعمال أي مواد أو مستحضرات أو آلات قد تلحق ضررا بصحتهم او تعرض سلامتهم للخطر.
بل أكثر من ذلك فان واجب الاعلام يفرض على المشغل ان يبين لهم الاحكام القانونية المتعلقة بكيفية استعمال الآلات والصاق إعلانات في مختلف مرافق المؤسسة توضح بطريقة من مخاطر الاستعمال الغير المناسب لهذه الآلات.
وبالتالي وانطلاقا مما سبق نلاحظ ان المشرع المغربي عند تنظيمه للمقتضيات الخاصة بحفظ صحة الاجراء وسلامتهم، استعمل صيغة الوجوب مما يفيد ان هذه القواعد هي قواعد آمرة ويترتب على مخالفتها تطبيق عقوبات على شكل غرامات تتراوح بين 2000 و 5000 درهم.
في حالة العود داخل السنتين المواليتين لصدور حكم نهائي، تضاعف الغرامات بل اكثر من ذلك يمكن للمحكمة ان تصدر حكمها بالإدانة مقرونا بقرار اغلاق للمؤسسة، طيلة مدة لا تقل عن 10 أيام وان لا تتجاوز 6 اشهر، وفي حالة العود يمكن ان تصدر حكمها النهائي بالإغلاق طبقا لما نصت عليه المادة 300 من مدونة الشغل.
ثانيا: الالتزام المشغل بأداء المستحقات المالية المترتبة عن عقد الشغل الاجير:
يلتزم المشغل بإعطاء الاجير كل المستحقات المالية التي في ذمته، والمتمثلة في الأجر باعتباره العنصر الأساسي لقيام عقد الشغل الفردي، بالإضافة الى التعويضات المستحقة عن اشتغاله ساعات إضافية خارج أوقات العمل او في راحته الأسبوعية، وايام الأعياد المؤدى عنها والتي لم يستفد منها الاجير.
ثالثا: السماح للأجير بالتغييب عن العمل في بعض الحالات :
يحق للأجير في العديد من الحالات التغييب عن العمل لأسباب مشروعة حددها المشرع، ونذكر منها على سبيل المثال، إجازة المرض، بحيث يحق للأجير الذي استحال عليه الالتحاق بالعمل نتيجة مرض او حادثة ان يشعر مشغله بذلك خلال 48 ساعة الموالية، ويجب على الاجير إذا استمر الغياب اكثر من أربعة أيام، اخبار مشغله بذلك، والادلاء له بشهادة طبية تبرر غيابه إلا اذا تعذر عليه ذلك.
ويمكن للمشغل ان يجري عليه فحصا طبيا مضادا، طبقا لما نصت عليه المادة 271 من م.ش ولا يعفي المشغل من هذا الالتزام، أي الالتزام بالسماح بالتغييب بسبب المرض، الا إذا زاد غياب الاجير عن 180 يوما متوالية خلال فترة 365 يوما أو اذا فقد الاجير القدرة على الاستمرار في مزاولة شغله حيث يعتبر في هذه الحالات في حكم المستقيل من العمل.
كما يستفيد الاجير بالإضافة الى ذلك من الاجازة بمناسبة الولادة تقدر بثلاثة أيام، ويسري هذا الحكم حتى بالنسبة للأجير الذي استلحق طفلا بنسبه وذلك طبقا للمادة 269 من م.ش اما بالنسبة التي تبث حملها بواسطة شهادة طبية، فتستحق إجازة ولادة مدتها 14 أسبوعا ما لم تكن هناك مقتضيات أفيد في عقد الشغل او اتفاقية الشغل الجماعية او في النظام الداخلي وفقا لما جاء في المادة 152 من مدونة الشغل.
كما نصت المادة 274 من مدونة الشغل على بعض الحالات الأخرى التي يحق فيها الأجير التغيب عن العمل بصفة مشروعة، ويتعلق الأمر بزواج الأجير والأجيرة، ومدة الرخصة هنا أربعة أيام، وكذلك رخصة زواج أحد أبناء الأجير أو بناته ومدتها يومان، بالإضافة إلى الرخصة الممنوحة عند وفاة احد الأقارب ومدتها ثلاثة أيام.
فى النهاية آخر نقطة أنت من ستضيفها فى التعليقات، شاركنا رأيك.
تعليقات
إرسال تعليق